للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ضرورة حضور مجالس العلم]

إخواني! أعداؤنا يضربون أكباد الإبل من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، من أجل مصالح مادية، بل من أجل فسادٍ في الأرض، بل من أجل إهلاك الحرث والنسل، ونحن أولى بأن نحث الخطا لمثل هذه المجالس.

والله -يا إخوتي- لا أكذبكم لقد رأيت بعيني هاتين ولا أكتم ولا أغير ما رأيت: كنت ذات يومٍ في دولةٍ من دول العالم الذي ابتلي بالهجرة -من الدول المجاورة- فسرت ساعاتٍ طويلة داخل غاباتٍ موحشة، وفي شدة الحر، وفي ضنكٍ من الطريق، فلما وصلت إلى تلك المعسكرات التي يقطنها أبناء المسلمين المعذبون رأيت أطفالاً أشبه ما يكونون بالأشباح، وليس هذا عجيباً فالعالم الإسلامي في جله معذبٌ اليوم، وأكثرهم مشرد.

وتقول الإحصائيات أن في أفريقيا وحدها: ٢٥٠ مليون كلهم تهددهم المجاعة والموت، والعجيب أني رأيت أطفال المسلمين بأيدي فتياتٍ أوربيات، كأنهن الشمس جمالاً في سن العشرين فما دونها، كل امرأةٍ من هؤلاء النساء احتضنت طفلاً من أبناء المسلمين تربيه، لا تريد أن تربي جسمه؛ وإنما تريد أن تربي عقله خلاف الفطرة، قلت: سبحان الله! كيف جاء هؤلاء من بلاد أوروبا المترفة إلى هذه الغابات الموحشة التي تنتشر فيها الأمراض والأوبئة؛ ولكنها سنة الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الأنفال:٣٦ - ٣٧] بل قلت: سبحان الله! هؤلاء الأوربيون جاءوا ليربوا أبناء المسلمين خلاف الفطرة، فأين أبناء المسلمين؟!

فأجبت نفسي بنفسي: المسلمون معزولون عن المسلمين، لو بحثت عنهم في الأندية أو في ملاعب الكرة أو لوجدتهم يتكاثرون هناك، فغفلوا عن أبناء جلدتهم فتولى تربيتهم غير المسلمين وإنها لفتنةٌ أسأل الله أن يخلص المسلمين من شرها.

أحبتي في الله: من هنا يجب أن نفهم أن الجنة سلعة الله، وأنها غالية، وأننا يجب أن نضحي بالنفس والنفيس، والوقت وكل شيء، من أجل أن نعرف كيف نعبد الله، وكيف نتعامل معه بالعبادة، ومن أجل أن نعرف كيف نتعامل مع الناس.

وإذا قيض الله لنا علماء كأمثال الشيخ/ عائض جزاه الله خيراً والحمد لله هم كثيرون اليوم، يجتزئون جزءاً من وقتهم لهذا الأمر؛ فإنه يصبح لزاماً على كل واحد منا ألا يضيع هذه الفرصة، وإن ضيع هذه الفرصة فأخشى أن يأتي وقتٌ لا تتوفر فيه هذه الفرص؛ لأن العلم سوف يرفع كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفع العلم علامةٌ من علامات الساعة، ورفعه بموت العلماء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>