للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الوقفة السادسة: اختيار الأصحاب في السفر]

وأما المسألة السادسة فهي: اختيار الأصحاب في السفر، وقد أمر صلى الله عليه وسلم باختيار الأصحاب في الحضر وكذلك في السفر: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:٦٧] وفي سنن الترمذي بسند حسن، قال النووي: لا بأس بهذا الحديث، أي: بسند هذا الحديث، قال عليه الصلاة والسلام: {لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي} فما هو السر في أن جعل الوصف في السفر مؤمناً وفي الطعام تقياً؟

جعله في السفر مؤمناً؛ لأنها كلمة مطلقة، فكل متق مؤمن، وليس كل مؤمن متقياً، فالمؤمن أقل درجة، أي: أنه يشترط في أكل الطعام ودخول البيت أن تتحفظ أو تستصحب الصالحين أكثر من السفر، أما السفر فكل من آمن بالله عز وجل رافقه، فأما استصحاب الجلوس في البيوت مع الناس فالواجب أنك تؤاخي المتقي لله كثيراً: {فلا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي} لأن الفجرة -والعياذ بالله- تتنزل عليهم اللعنات، ومن كان مع قوم أشركهم؛ فإن الشر يعم والخير يخص.

ولذلك قال جعفر بن محمد الصادق لابنه وهو يوصيه كما في تراجمه: يا بني! لا تصاحب أربعة: لا تصاحب الفاجر، ولا تصاحب عاق الوالدين، ولا تصاحب الكذاب، ولا تصاحب البخيل.

فأما عاق الوالدين فإن الله غضب عليه، فكيف ترضى عليه وقد غضب الله عليه.

وأما الفاجر فإن اللعنة تتنزل عليه، فإياك أن تتنزل عليه لعنة فيصيبك منها مصيبة.

وأما البخيل فيبيعك أحوج ما تكون إليه.

وأما الكذاب كالسراب يقرب لك البعيد ويبعد عليك القريب.

فهؤلاء الأربعة أوصى هذا الرجل الذي له قدم صدق في الإسلام ابنه ألا يصاحبهم، وقس عليهم أمثالهم، والمسلم آتاه الله بصيرة من لدنه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>