للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[صور من صبر الرسول صلى الله عليه وسلم]

رسولنا صلى الله عليه وسلم ابتلي على كافة الأصعدة، في صعيد المعركة ابتلي بالقتال، فصبر واحتسب، مات ابنه عليه الصلاة والسلام فلذة كبده وشجا روحه، وهو في العامين من عمره، فصبر واحتسب، يقول أنس: ذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم له ابنه إبراهيم ونفسه تقعقع، فأخذه صلى الله عليه وسلم واحتضنه وهو في سكرات الموت، وبكى عليه الصلاة والسلام وكان يقول: {إنا لله وإنا إليه راجعون: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم! لمحزونون} ما أحسن هذه الكلمات.

وابتلي عليه الصلاة والسلام بفقد بناته، فصبر واحتسب، وجلس عند قبرٍ، وأخذ ينكت الأرض ويبكي ويقول: {والذي نفسي بيده، لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً}.

وابتلي عليه الصلاة والسلام في دعوته بالشائعات، فقالوا ساحر، وشاعر، وكاهن، فاحتسب ذلك عند الله عز وجل.

فمن هذا نأخذ: أن الابتلاء عجيب، وأنه أنواع، وأنه يمر بالمؤمن من حيث لا يشعر ولا يحتسب، فما عليه إلا الصبر، وقد ابتلي الصالحون سلفاً وخلفاً.

يقول ابن القيم: يا هزيل العزم -أو كلمة تشبهها- ناح في الطريق نوح، وذبح فيه يحيى، وقتل زكريا، وسجن الأئمة، وجلدت ظهور العلماء، هذا طريق الابتلاء {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:٢٤].

<<  <  ج:
ص:  >  >>