للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[القدوة]

يا أيها الأستاذ! نحن مع شوقي أمير الشعراء إذ يقول للطالب:

قم للمعلم وفه التبجيلاً كاد المعلم أن يكون رسولاً

نعم.

بقي عليه درجة وهو أن الوحي ما أتاه، لكنه خليفة الرسول عليه الصلاة والسلام فيا خليفة المصطفى صلى الله عليه وسلم في جانب التعليم {إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر} فأنت الآن تأخذ الميراث، فالله الله في شباب الإسلام، والله الله في جيل الإسلام، والله الله في بلادنا وأمتنا وبيوتنا!

إنك -أيها الأستاذ- مسئول عن هذا الجيل، فقد فتحوا لك أسماعهم وأبصارهم وقلوبهم وجلسوا أمامك ليسمعوا ما تقول، وضع المسلمون على الكراسي أفلاذ أكبادهم يستمعون منك؛ فهم يتوجهون بأمرك، فهل آن لك أن تكون قدوة تتكلم بما تفعل وتفعل بما تتكلم به؟! قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:٤٤].

أيها الأستاذ! إن العقلاء من التربويين -حتى من غير المسلمين- يقولون: إنك لن تعلم أحداً حتى تعمل بما تعلم، والرسول عليه الصلاة والسلام ما تكلم فحسب، بل كان يقول للناس: كونوا صادقين؛ فيكون أصدق الناس كونوا بارين؛ فيكون أبر الناس كونوا أوفياء؛ فيكون أوفى الناس كونوا متقين؛ فيكون أتقى الناس لربه تبارك وتعالى.

إن من يعلم بكلامه ثم يخالف بفعاله فإنه يكذب نفسه أمام الناس، قال سيد قطب في كتابه في ظلال القرآن في قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:٤٤] ما معناه: إن الناس يسمعون كلاماً جميلاً وينظرون فيرون فعلاً قبيحاً، فلا يقبلون بعدها ويكذبون هذا المتكلم.

فيا أيها الإخوة الفضلاء! ويا أيها الأساتذة النبلاء! إن من يتكلم ثم يهدم ما تكلم به بأفعاله فإنه لايحقق نتيجة لأبناء المسلمين، وإن جلوسه في بيته أفضل وأولى؛ لأن معنى ذلك أنه يضحك على العلم وعلى طلبة العلم كيف يأمرهم بالصلاة وهو لا يصلي؟! كيف يأمرهم بهجر الغناء والمجلة الخليعة والأغنية الماجنة والسفه، وهو سفيه مطبل مغن ماجن نعوذ بالله من ذلك؟!

من المسئول إذن عن الحركة الشبابية والاتجاه العلمي يوم ضل فريق منه إلا الأستاذ؟ ومن هو أكبر موجه في هذه البلاد وفي غيرها إلا الأستاذ؟ إن أعظم ما ترتقي إليه الأمم هي درجة التعليم، والمرء إذا بلغ مستوى من العلم عند كثير من الأمم وضع أستاذاً للناس.

<<  <  ج:
ص:  >  >>