للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الكبر يمنع اليهود من الاسلام]

إن الكبر هو الذي منع اليهود أن يدخلوا في الدين وكانوا يقولون: الأنبياء منا؛ مع أنهم يقرءون في التوراة أنه سوف يبعث نبي من العرب اسمه أحمد، عليه الصلاة والسلام: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة:٨٩].

قال الترمذي بسند صحيح وأصله في الصحيحين عن عبد الله بن سلام، قال: {دخل عليه الصلاة والسلام المدينة فانجفل الناس} الجفلى عند العرب الدعوة العامة، إذا دعوت في زواج دعوة عامة فهذه تسمى عند العرب الجفلى، قال طرفة:

نحن في المشتاة ندعو الجفلى لا ترى الآدب فينا ينتقر

نحن ندعو الناس جميعاً، قال: عبد الله بن سلام: {انجفل الناس إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكنت فيمن انجفل، فزاحمت حتى رأيت وجهه؛ فعلمت أنه ليس بوجه كذاب}.

لو لم تكن فيه آيات مبينة لكان منظره ينبيك بالخبر

قال: {فتكلم فإذا هو يقول} كلاماً ما سمع الناس بمثله، كلاماً مرتباً، كلاماً عميقاً أصيلاً يقول: {يا أيها الناس، أفشوا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام}.

قال راوي الحديث عبد الله بن سلام: {فأتيت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقلت: يا رسول الله، إني أسألك عن ثلاث لا يعلمها إلا نبي} هذه محاورة ساخنة حارة؛ لأن عبد الله بن سلام كان يقرأ التوراة، {قال: سل، قال: يا رسول الله، ما أول ما يأكل أهل الجنة؟ وما هي أول علامات الساعة؟ وكيف يشبه الولد أباه أو يشبه أمه؟} ما تفكر عليه الصلاة والسلام ولا تأمل، وإنما اندفع {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم:٤ - ٥].

قال: {أول ما يأكل أهل الجنة زيادة كبد الحوت، قال: صدقت، قال: وأما أول علامات الساعة، فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، قال: صدقت، قال: وإذا سبق ماءُ الرجل نزع الولد إلى أبيه، وإذا سبق ماءُ المرأة نزع الولد إلى أمه، قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، ثم قال: يا رسول الله! إن اليهود قوم بهت -أي: يبهتون أهل زور- وإن علموا بإسلامي بهتوني، لكن أدخلني في هذه المشربة وراءك، وأغلق عليّ، واسألهم عني}.

فأدخله عليه الصلاة والسلام وأتى المتكبرون الجبابرة فأجلسهم أمامه.

ثم قال: {كيف ابن سلام فيكم؟ - مادروا أنه في المشربة- قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، وحبرنا وابن حبرنا، وفقيهنا وابن فقيهنا، قال: أرأيتم إن أسلم؟! قالوا: أعاذه الله من ذلك، ففتح عليه الصلاة والسلام الباب فخرج ابن سلام يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فقاموا ينفضون ثيابهم يقولون: شرنا وابن شرنا، وخبيثنا وابن خبيثنا} ثم فروا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>