للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[رثاء عبد الله عزام]

السؤال

هل لك قصيدة في الداعية المجاهد عبد الله عزام رحمه الله رحمة واسعة؟

الجواب

ما نظمت فيه قصيدة، بل قلت فيه خطبة، ودعوت الله له، وتلك خير من القصيدة، وأسأل الله أن يجمعنا به في دار الكرامة.

وفي بعض المناسبات استشهدت بقصيدة رائعة رائقة رنانة لـ أبي تمام قالها في أحد الشهداء المسلمين وهو محمد بن حميد الطوسي، البطل المجاهد أحد قادات المعتصم الأفذاذ، قاتل الكفار في جبهة من جبهات خراسان من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر، وكان كلما ناولوه سيفاً قاتل به حتى يتكسر، ويلتفت إلى أصحابه فأعطوه سيفاً آخر، وبعد صلاة الظهر طوق عليه الكفار فقتلوه مع الأذان: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر:٢٧ - ٣٠].

فقال أبو تمام فيه قصيدة يوم سمعها الخليفة قال: والله الذي لا إله إلا هو، لوددت أني المقتول وأنها قيلت فيّ، يقول أبو تمام:

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر فليس لعينٍ لم يفض ماؤها عذر

فتى كلما فاضت عيون قبيلة دماً ضحكت عنه الأحاديث والذكر

تردى ثيابَ الموت حمراً فما دجا لها الليل إلا وهي من سندس خضر

عليكَ سلام الله وقفاً فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمر

ثوى طاهر الأردان لم تبقَ بقعة غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر

وما مات حتى مات مضرب سيفه من الضرب واعتلت عليه القنا السمر

وهي قصيدة طويلة جميلة، من أجمل ما قيل في الرثاء.

وقتل أحد الوزراء وصلب على خشبة فقال فيه أبو الحسن الأنباري وأقولها كذلك لـ عزام:

علوٌ في الحياة وفي الممات بحق أنت إحدى المعجزات

كأن الناس حولك حين قاموا وفود نداك أيام الصلات

كأنك واقفٌ فيهم خطيباً وهم وقفوا قياماً للصلاة

مددت يديك نحوهم احتفاءً كمدهما إليهم بالهبات

هذه هي العظمة، ومن لم يمت هذه الميتة فسوف يموت ميتة أخرى حبطاً أو إغماءً إن لم يكن مؤمناً مستقيماً.

ومن الشهداء من يموت على فراشه {ومن سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه} نسأل الله لنا ولكم الشهادة في سبيله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>