للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بيان عقيدة بعض الفلاسفة]

السؤال

نرجو أن تبين لنا عقيدة كل من هؤلاء: (الرازي

وابن سينا، أبو حيان وابن البيطار وجمال الدين الأفغاني،)؟

الجواب

فخر الدين أبو بكر الرازي صاحب التفسير، إن كان يقصده هذا الأخ السائل لا يقصد الطبيب الثاني، وابن تيمية رد على المفسر ولم يرد على الطبيب، ولكن للفائدة هذا المفسر الرازي ظهر من كلامه أنه أشعري بلا شك، والعجيب من ذلك أنه يميل إلى الاعتزاليات كثيراً، وقد قدم العقل على النقل، ولذلك رد عليه شيخ الإسلام الجهبذ ابن تيمية بكتاب: درء تعارض العقل والنقل فأتى بنيانه من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم، ولذلك يقول الرازي: الدليل النقلي والعقلي إذا تطابقا فإما أن نجمع بين النقيضين وهذا محال وإما تكذيبهما وهذا محال ولم يبق إلا أن نقدم العقل، فأتى ابن تيمية فرد عليه، والرازي هذا له تفسير والذي نعتقده أنه مسلم إن شاء الله، وعنده علم حتى في الفلسفة ولذلك يقول الشاعر:

كذب الذي بـ أبي علي قاسه هيهات يبلغ مستواه أبو علي

وأبو علي: هو ابن سينا يقول: إن الرازي أعظم وأذكى من ابن سينا.

وله تفسير جيد يقولون: فيه كل شيء إلا التفسير، أتى بالكيمياء والفيزياء والهندسة والطب وكل العلوم حتى الجغرافيا إلا التفسير فسلم منه كتابه، ولكن ليس هذا بصحيح، قال بعض الكتبة: ليس بصحيح بل وجد فيه تفسير كثير، أما الأحاديث الموضوعة فحدث ولا حرج كلها من مسند الفردوس، حتى يأتي يقول: تكور الشمس والقمر كالثورين وتسقط في النار، حديث صحيح، من أين صححته سامحك الله؟ والرازي قليل البضاعة في الحديث ولا يؤخذ بتوثيقه ومعتقده يسمي أهل السنة أحياناً بالحشوية وهو لم يكمل تفسيره.

أما الطبيب الفيلسوف فنقلت عنه كلمات والله حسيبه، لكن ليس له دور في العلم التنظيري، وهو صاحب عقاقير وأعشاب ولفائف، لكنه ذهب في المنطق فتردى.

أما ابن سينا فكثر الكلام فيه، وبعض الناس يفتخر بـ ابن سينا الاسم اللامع ويحسبه على المسلمين، وهو فيلسوف بضاعته من بضاعة سقراط وبقراط وأولئك الملأ، ليست من بضاعة صاحب طيبة عليه الصلاة والسلام، وابن تيمية يقول: إن الله لن يغفل عن المأمون لما أدخل من كتب الفلسفة في بلاد الإسلام، نحن عندنا خير لا نحتاج إلى الفلسفة أو المنطق، يقول ابن تيمية: علم المنطق أو الفلسفة لحم جمل غث على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل، لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع منه البليد.

فـ ابن سينا يُسمى: ذنب الصابئة وفرخ المجوس، وورد أنه كفر بثلاث كلمات كما قال الغزالي في كتاب: تهافت الفلاسفة منها: يقول: إن الله يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات، وأن المعاد الجثماني لا يكون وإنما المعاد يكون للروح، ولذلك ألقى قصيدته في النفس فيقول:

هبطت إليك من المكان الأرفع ورقاء ذات تعزز وتمنع

ثم ذكر عقيدته، وتكلم كذلك في الغيبيات والسمعيات بكلام لا يصلح، حتى قال بعض العلماء: إن كان صح عنه ما يقول في بعض المقالات فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

وأما أبو حيان فهما اثنان: أبو حيان الأندلسي الذي هو من أقران ابن تيمية النحوي الذي دخل دمشق ودخل مصر، فهذا ذكي لماع من أكبر النحاة، أتى إلى ابن تيمية فمدح ابن تيمية مدحاً راقياً بقصيدة رائعة، وكان ابن تيمية كما تعرفون من أذكياء الدنيا، قال أبو حيان هذا لـ ابن تيمية: ما أظن أنه يؤلف في الدنيا مثل الكتاب لـ سيبويه، قال ابن تيمية: سيبويه ليس نبياً ولا معصوماً في كتابه أخطاء، قال أبو حيان: ليس في كتابه أخطاء؟! قال ابن تيمية وغضب: في كتابه ثمانون خطأً لا تعرفها أنت ولا يعرفها سيبويه، وهو صحيح فـ ابن تيمية أخرج الثمانين خطأً، فغضب أبو حيان على ابن تيمية فأخذ يتهزر به ويستهزئ في قصائده بعد أن مدحه لأن الهوى ركبه، فهو محسن ومسلم ونحوي قوي رحمه الله.

وأما أبو حيان التوحيدي فعليه من الله ما يستحقه، ونسأل الله أن يجازيه بعدله، هذا مجرم ألف كتباً -يحارب بها الإسلام- ويحارب بها القرآن وهو مثل ابن الراوندي الذي يسمى: الكلب المعفر أكل عجين المسلمين، فهو مثل أبي حيان التوحيدي، وأتت منه كلمات تدل على زندقته، واستباح المسلمون قتله لكن ما ظفر بقائد يذبحه مثل ما فعل خالد بن عبد الله القسري يوم قام، وقال: أيها الناس: إن الجعد يقول: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، يا أيها الناس: ضحوا تقبل الله أضحياتكم وإني مضحٍ بـ الجعد بن درهم عن سبعة، ثم أخذ سكينةً وافترش الجعد أضحية عن سبعة، وذبحه مستقبل القبلة ولذلك يتفنن ابن القيم وهو يشكر هذا الظالم، خالد بن عبد الله القسري ظالم لكن أحسن في هذا قال:

ولذاك ضحى خالد بـ الجعد يوم ذبائح القربان

إذ قال إبراهيم ليس خليله كلا ولا موسى الكليم الداني

شكر الضحية كل صاحب سنة لله درك من أخي قربان

من أراد أن يتقرب يفعل مثلك، فلو وفق أبو حيان بسلطان مسلم كان ذبحه وكان أجزأه عن سبعه {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:٣٦].

ابن البيطار هناك أديب اسمه: ابن البيطار ما أظن أنه يعتقده هذا الأخ؛ لأن هذا الأخ ذكر مصاف الفلاسفة وما أدري أتته كلمة ابن البيطار يمكن قرأها في ترجمة وهو أديب ليس بالشهير، وهو رقيق العبارة في شعره مثل ابن الغزي ومثل ابن الخياط وله مقطوعات رائقة، ليس فيه كلام لأنه ليس صاحب معتقد، لا يحمل معتقداً باطلاً، ولا يتحمس للمعتقد الحق، وهو صاحب شعر، وبعض الناس مسألته في الحياة شعر فقط، يريد أن يشعر مثل المتنبي، يذهب فيمدح الملك هذا ويقول: أنت درة الزمان وبركة الوقت وفاتح الدنيا، فإذا أعطاه كيساً، ذهب وذمه، ويذهب إلى الآخر فيمدحه كما فعل في سيف الدولة وكافور وعضد الدولة، فهذا ليس له رسالة في الحياة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>