للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الخوف من الأحداث]

ومن علامات المنافقين: أنهم يخافون الأحداث، يخافُون الوقائع في الدنيا ويظنون أنها على رءوسهم، أما المؤمن فهو لا يخاف، فهي إحدى الحسنين: إما الحياة، فحياة السعداء الأبرار، الأتقياء الشرفاء، وإما الموت؛ فموت الشهداء الخيرة الأتقياء.

أرواحنا يا رب فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنماً وجوارا

قال أحد السلاطين لـ بن تيمية! يزعم الناس يا ابن تيمية! أنك تريد ملكنا وملك آبائنا وأجدادنا، فضحك ابن تيمية وقال: ملكك، وملك آبائك وأجدادك؟ قال: يقولون ذلك! فأخذ شقصاً من الأرض ونفلها في وجهه وقال: والله ما ملكك وملك آبائك وأجدادك يساوي عندي هذه؛ لأن الذي يطلب رضا الله لا يطلب رضا الناس.

والعجيب أنك تجد بعض الناس يسعى للشهرة أو للمكانة على حساب الدين، لا بأس أن يفجر، وأن يطعن في الإسلام! لكن على حساب الدين.

فمن علامات المنافق وهي قاصمة الظهر: أنه يخاف: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} [المنافقون:٤] إذا سمع بالحدث قال: أنا المتهم؛ لأنه (كاد المريب أن يقول خذوني):

سُرقت دجاجة، فذهبت صاحبة الدجاجة إلى السلطان، فقالت: سرقت دجاجتي، قال: ابحثوا عن دجاجتها، والعجوز هذه تظن أن الحدث والكون كله في هذه الدجاجة، وبعض الناس إذا عاش في شيء أو في مستوى قاس الأحداث والوقائع على هذا الشيء.

يقول ابن كثير: أحد الناس الحمقى ذهب إلى خليفة من بني العباس، فذبح له دجاجة وطبخها وقدمها له ليأكلها، فأخذها هدية وأكلها، فكان هذا الأحمق يظن أنه فعل فعلاً في التاريخ لم يفعله أحد، كان كلما أتى الخليفة يسأل عن حدث أو معركة قال: هذه المعركة وقعت قبل أن أهدي لك الدجاجة بشهر، وسفركم بعد أن أهديت لك الدجاجة بأسبوع، فأصبحت هذه الدجاجة من المسارات الكبرى في التاريخ.

ذهبت هذه العجوز إلى السلطان فقالت له: دجاجتي، فعجز السلطان عن إمساك السارق فقام على المنبر فقال: يا صاحب الدجاجة! يا من سرق الدجاجة! عرفناك، فلا تمسح رأسك، فمسح سارقها رأسه: (كاد المريب أن يقول خذوني) ولذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} [المنافقون:٤] إذا ذَكَرْتَ -في خطبة جمعة عامة- الناس الذين يشوهون الإسلام خرج هو يسب الخطيب، لأنه (لا تحتك إلا الجرباء) أما الصحيحة فلا تحتك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>