للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحديث الثالث: (الظلم هو الشرك)]

الحديث الثلاثون: حديث ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، قال: {لما أنزل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:٨٢] قال الصحابة: يا رسول الله! وأينا لم يظلم نفسه؟ قال: إنه ليس بذلك، أما سمعتم الله يقول: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:١٣]} لما نزل قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:٨٢] الأمن في الآخرة، والأمن في الدنيا، فالأمن في الدنيا من الغواية ومن الضلالة ومن الخطأ ومن الانحراف، والأمن في الآخرة من الجحيم ومن النار ومن العذاب، والله المستعان.

{وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:٨٢]: أي سالكون طريق الهداية، ناجون بإذن الله موفقون، لكن ما معنى الظلم؟

ظن الصحابة رضوان الله عليهم، أن معنى قوله سبحانه ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أي: لم يذنبوا ولم يخطئوا ولم ينموا ولم يغتابوا الناس ولم يكذبوا، فقالوا: يا رسول الله! من يطيق هذا؟ كلنا ظلمة معنى كلامهم، في سند الإمام أحمد بسند صحيح أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى لما أنزل قوله تبارك وتعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء:١٢٣] قال أبو بكر: يا رسول الله! هذا الحديث في أول مسند أبي بكر: {يا رسول الله! كلفنا من الأعمال ما نطيق، فكيف العمل بعد هذه الآية؟ لأن ظاهرها إذا عملنا أي سوء نحاسب به، كلما فعلنا خطيئة نحاسب بها ونجزى بها- فقال عليه الصلاة والسلام: غفر الله لك يا أبا بكر! ألست تهتم؟ ألست تغتم؟ ألست تحزن؟ ألست تمرض؟ قال: بلى، فقال: هذا من الكفارات، لا يصيب المؤمن من هم ولا غم ولا حزن ولا وصب ولا مرض، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه}.

فمقصود الآية: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام:٨٢] أي: بشرك: {أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} [الأنعام:٨٢] فالحمد الله الذي جعل الظلم هنا شركاً، فلو جعله معصية وخطأً، كنا وقعنا كلنا في هذا الظلم، وما كان لنا مخرج، والرسول عليه الصلاة والسلام هنا فسر القرآن بالقرآن، قال: {إنه ليس كما تظنون، أما سمعتم الله يقول: {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان:١٣]} فسمى الله الشرك ظلماً، وهذا يقصد به صلى الله عليه وسلم وصية لقمان: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:١٢ - ١٣] فقال صلى الله عليه وسلم: {ليس بذلك، إنما هو الشرك، أما سمعتم الله يقول: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:١٣]} في الحديث دروس.

<<  <  ج:
ص:  >  >>