للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العلم النافع هو علم القرآن والتوحيد]

وقال عز من قائل: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:١١٤] وجاءت هذه الآية بعد قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:١١٤] فالعلم المراد هنا علم القرآن، لا يعرف التفسير إلا بالسياق والقرائن وفهم ما قبل الآية مع ما بعدها, فالعلم الأصيل هنا هو علم القرآن.

{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:١١٤] لو أن الآية قرئت مبتورة لظن بعض الناس أنه يدخل في ذلك علم الفلك -على ما سوف يأتي- وعلم النجوم، وعلم الأنساب, وزيادة معرفة القبائل وبطونها، وأفخاذها وأسرها وعشائرها، لكن قال عز من قائل: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:١١٤] فدل على أن العلم النافع علم القرآن.

وقال عز من قائل في سورة آل عمران: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:١٨]

السؤال

لماذا سماهم الله أولي العلم؟

السبب: أنهم شهدوا لله بالوحدانية واستنبط بعض أهل العلم من هذه الآية أن علم التوحيد علم أصيل، وأن من لم يوحد الله ولم يخلص العبودية لله؛ فعلمه دخيل ولو علم علوم الدنيا، لأن بعض الناس ضلوا وهم علماء، لأنهم خرافيون، قادة ضلالة، وعملاء جهالة، كما مر في تاريخ الإسلام من أمثال ابن الراوندي والحلاج، وابن عربي محيي الدين الطائي صاحب كتاب الفتوحات المكية، وفصوص الحكم وهي فصوص الظلم، وهي ظلمات بعضها فوق بعض، يقول الذهبي: إذا لم يكن كفر في الفتوحات المكية فليس في الدنيا كفر، فهؤلاء لا يسمون أهل علم؛ لأن أهل العلم هنا هم أهل الوحدانية لله.

وقال عز من قائل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:١٩] وهذا هو علم التوحيد، وعلم العقيدة، فغيره دخيل وهو أصيل، وقال عز من قائل: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:٤٣] ثم قال بعدها: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [العنكبوت:٤٤] فدل على أن التفكر والتدبر في آيات الله علم أصيل، وأن من لم يتدبر ولم يتفكر في آيات الله فعلمه دخيل، فالتفكر والتدبر في آيات الله علم أصيل.

وقال عز من قائل: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت:٤٩] لهذه الآية معنيان، بأيهما أخذت أصبت

خذا جنب هرشى أو قفاها فإنه كلا جانبي هرشى لهن طريق

فالمعنى الأول: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت:٤٩] أي: بل هذا القرآن آيات واضحات، محفوظة في صدور الذين أوتوا العلم؛ فهذا فيه دليل على فضل الحفظ.

والمعنى الثاني: أن هذه الآيات بينات معانيها في صدور الذين أوتوا العلم، أي: أنها مشروحة في صدورهم يعرفون معانيها، أو بيّن معناها في صدورهم لا أنهم يحفظونها، وإن حفظوها فهم يحفظون معانيها في صدورهم.

وقال عز من قائل عن موسى والخضر: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} [الكهف:٦٦] إنه العلم النافع دل عليه السياق، ونكتفي بهذا من كتاب الله عز وجل دليلاً على العلم النافع الأصيل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>