للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[سبب ذكر الكلب في القرآن]

قال ابن كثير رحمه الله: " صاحب الكلب أهل الكهف وهم صالحون فذكره الله في القرآن ".

كلب صاحب الصالحين فتشرف بهم، وذكره الله في القرآن، وما نسيه سبحانه، والله لا ينسى، فقال: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} [الكهف:١٨].

يقول سيد قطب وهو ينقل لنا الحدث والصورة على مسرحية الحياة: " تدخل الغار فتجدهم نياماً، والشمس تزاور عنهم، وتقرضهم ذات اليمين وذات الشمال، وصور لنا فتحة الغار، واتجاه الغار، وعددهم، وأين الكلب ".

قال أهل العلم في هذا دروس:

أولها: الكلب لم يدخل معهم من الأدب، فهو كلب محترم، ويقولون: لم يدخل معهم الغار؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة، وبقي هناك؛ ولأن هؤلاء صالحون.

قال: والدرس الثاني: أنه بأدبه ما ذهب وراء الغار، فبعض الكلاب غبي تضعه عند الباب من أجل أن يحرس، فيذهب وراء البيت ينام، أو يلهو ويلعب، أو لا يميز بين الضيوف وغيرهم، وإنما ينبح لهذا وهذا، وهذا كلب غبي، والكلب الذكي: هو الذي يقف بالوصيد، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} [الكهف:١٨] قالوا: وهي هيئة الكلب، فما وقف ليستغرب موقفه، وما أدبر، وإنما بسط، قال: ومن كرامة الله عز وجل لمن صاحب الأخيار أنه أماته معهم، فمكثوا ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعاً.

قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى -اسمعوا أسلوب القرآن-: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً} [الكهف:١٨] يقول: عيونهم مفتحة، ولحمهم على هيئته، وأجسامهم وأيديهم، ويمكث الإنسان منهم ثلاثة أيام، أو أسبوع، أو شهر، أو سنة، ثم يميل وينقلب، وبعد عشر سنوات ينقلب على الجهة الثانية، وبعد خمسين سنة يمل من جنبه الأيمن، فينقلب، قال أهل العلم: ينقلبون لئلا تأكلهم الأرض.

قال ابن كثير: " انظر كيف صاحب الكلب الشرفاء، فتشرف بهم، فذكره الله، وصاحب أبو طالب النذلاء كـ أبي جهل وأمثاله، فأدخلوه النار ".

<<  <  ج:
ص:  >  >>