للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أقسام الأجوبة عند العرب]

الأسئلة عرضت في القرآن وأجاب الله عنها والعرب تقول: الأجوبة ثلاثة أقسام:

جواب الحكيم، وجواب المطابق، وجواب المستهتر.

الإجابات ثلاثة أقسام: حكيم يجيبك بحكمة، وحكيم يجيبك بمطابقة، ومستهتر.

فأما جواب الحكيم فهو: أن تسأل عن شيء فيترك سؤالك ويأتي بجواب لسؤال آخر.

وأما المطابق فهو: أن يعطيك على قدر ما سألت.

وأما المستهتر فهو: أن يترك سؤالك, ويهزأ بك ويسخر.

وسوف آتي بأمثلة على ذلك: أما جواب الحكيم، فكقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} [البقرة:١٨٩] السؤال من الكفار سؤال سخيف تافه، ومعناه: يسألونك كيف يبدو الهلال صغيراً ثم يكبر ثم يصغر؟ وهل الرسول عليه الصلاة والسلام مشغول بالأهلة.

لماذا يكبر الهلال ثم يصغر؟! هذا سؤال سخيف.

فترك الله الإجابة على هذا السؤال وأجابهم على سؤال آخر، إذ كان من الأولى أن يكون

السؤال

ما فائدة الأهلة؟

فقال الله: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:١٨٩] فأخبرهم بجواب لسؤال ما سألوه، ولسان الحال يقول: لماذا ما سألتم هذا السؤال المفيد, وتركتم هذا السؤال الخائب خيبة وجوهكم السود سواد مبادئكم؟! هذا جواب الحكيم.

أما جواب المطابق؛ فكقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً} [البقرة:٢٢٢] يسألونك عن المحيض أهو طاهر أم نجس؟ فأجابهم بالمطابقة.

أما جواب المستهتر: فهو كثير في كلام العرب، وقد ذكر الذهبي أمثلة على ذلك مثل الأعمش -المحدث الكبير راوية البخاري ومسلم فقد كان يمزح كثيراً، سأله رجل عن الصلاة وراء الحائك هل تجوز أم لا؟

قال: نعم.

تجوز بلا وضوء!

قال: وهل تقبل شهادته؟

قال: نعم تقبل مع شاهدي عدل!

ودخل رجل من بني هاشم على أحد الخلفاء فقال له الخليفة -يريد أن يستهزئ بالهاشمي-: أين عمك أبو لهب؟

قال: على يسارك إذا دخلت النار.

يقول: إذا دخلت النار خذ يسارك تجد غرفةً هناك جاهزة للاستقبال مكتوب عليها غرفة أبي لهب ممنوع الدخول.

وقالت امرأة للمأمون: ثبتَّك الله! قال: وإياكِ فثبت!

فلما خرجت قال المأمون: أتدرون ماذا قالت هذه المرأة؟ قالوا: لا.

قال: أنا قتلت ولدها وهي تقول: ثبتك الله، أي على خشبةٍ مصلوباً، فأنا أقول: وإياها فثبت الله على خشبةٍ مصلوبة.

وقال رجل للمعتضد: ثبتك الله! قال: على صدرك!

وأمثلة هذه الأجوبة كثير في الأدب العربي، ولكن تعال إلى أجوبته عليه الصلاة والسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>