للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إجابته عن أفضل الجهاد]

سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عن أفضل الجهاد؟

وقال: {أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر} أي: أن تقول الحق في مواطن الهلكة السيف مسلول, والرمح موجود, وتقول الحق لا تخاف في الله لومة لائم، مثلما فعل النابلسي، وقد ذكرت قصته في محاضرة بعنوان "من أخبار علمائنا".

يقولون: إن النابلسي من أعظم الشهداء في الإسلام، كان محدثاً، أتى إلى الزنادقة الفاطميين الحكام، فأفتى الناس في المسجد قال: من كان عنده عشرة أسهم فليرم الروم بسهم واحد وليرم الحكام الفاطميين في مصر بتسعة أسهم.

فوصل الخبر إلى الخليفة الفاطمي فاستدعاه هذا المجرم اللعين عليه لعنة الله, قال: سمعنا يا نابلسي أنك تقول: من عنده عشرة أسهم؛ فيرمينا بسهم واحد, ويرمي الروم بتسعة أسهم.

قال: لا، الذي أخبرك بالفتوى أخطأ.

فظن أنه سوف يتبرأ، فقال: كيف الفتوى؟

قال: لم أقل يرميكم بسهم بل يرميكم بتسعة، ويرمي الكفار بسهم واحد.

قال: والله لأقتلنك قتلة ما قتل بها أحد من الناس.

فسلط عليه يهودياً -لأن الفاطمي يهودي جده ابن قداح وجدته يهودية- فأخذه اليهودي فعلقه بأرجله ونكسه، ثم أخذ يجزره ويسلخ وجهه بالسكين، فظللته غمامة بإذن الله، وما وجد مساً للألم.

قال الذهبي: يروى أن دمه لما نزل إلى الأرض كان يكتب الله، الله.

وهذه لا نردها ولا نسلمها، وإن ثبتت فهي من كرامات الأولياء.

وقد مر عليّ منشور فيه رسم الحنجرمكتوب فيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

أقول: في هذا ثلاث قضايا:

الأولى: نحن ما تعبدنا بهذا، وخلقك أنت أعظم من كتابة لا إله إلا الله محمد رسول الله، عينك يوم أن تتحرك وترسل شعاعها وضوءها ورؤيتها ويدك وقلبك {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:٢١] أنت أعظم في خلقك من رسم الحنجر.

عجباً لنا كيف نرى الشمس صباحاً ومساءً تذهب وتأتي, ولا نتعجب فإذا جُدَّت نظرية اندهشنا؟! ولا ندري عن صحة هذه، فربما توافقت الأحرف وتوافقت القصبات؛ فانطبقت فكتب لا إله إلا الله محمد رسول الله.

فهي محتملة؛ والأمر محتمل لا يبنى عليه شيء.

وينتبه إلى أمر وهو: ألا نجعل ديننا تسليمات فقط، كلما أتانا رجل بمنشور سلمنا.

ولو فرضنا أنه أتانا رجل بهذه فقلنا: آمنا وصدقنا، ثم أتانا غداً هذا الرجل برجل مكتوب فيه لا إله والحياة مادة.

هل نقول: لا، هذا خطأ؟! يقول: أنتم آمنتم قبل قليل بهذه الكتابة فآمنوا بهذه الكتابة كذلك!

نقول: لا، نحن لا نجعل ديننا تخريصاً, ولذلك يقول علماؤنا: لا نصدق النظريات كلما أتتنا نظرية قلنا: نعم، فنقول: القرآن أيدها.

وبعد شهر قالوا: اكتشف العالم فلان أن النظرية خطأ.

قلنا: أجل، يمكن أن يكون في القرآن نظر.

أستغفر الله!

وهذه فائدة عابرة:

قف لنا في الطريق إن لم تزرنا إن بذل السلام نصف الزيارة

<<  <  ج:
ص:  >  >>