للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[لا يسكت على المستهزئين بالدين]

ومن الدروس أيضاً: أنه لا يجوز للإنسان بحال أن يحضر أو يسكت في مجلس تهان فيه القيم، ويلعب بالمبادئ، ويشهر بأهل العلم والدعاة وطلبة العلم والعلماء والدين، فلا يجوز له بحال أن يسكت، فإن هذا من الخطأ الكبير، فالحذر كل الحذر.

وسمعت والعياذ بالله أن بعض الناس يقلد أصوات العلماء ويستهزئ بفتاويهم، ويقلد نغمات صوتهم، وهيكلهم بالمشي وبالجلوس، ويستهزئ ببعض أصوات المؤذنين والأئمة وخطباء المساجد؛ فحسيبه الله ونسأل الله أن يهديه، لكن الإنسان لا يمكن بحال أن يجلس في مجلس يطعن فيه بالدين، وقد نسمع ويأتينا من الأخبار العجيبة التي يندى لها الجبين، ويتمعض لها القلب، ويقذف الإنسان دم، ومع ذلك يصبر والله تعالى يقول: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران:١٨٦].

ولكن المطلوب منا أن نرد، فمن حمى عرض أخيه المسلم حمى الله عرضه في مكانٍ ينتهك فيه الأعراض، ومن أسلم عرض أخيه المسلم أسلم الله عرضه للطامعين والحاقدين: {ومن تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في عقر داره}.

يؤخذ ذلك من قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمَْ} [التوبة:٦٥ - ٦٦] حتى إن بعض الفضلاء من أهل العلم يرون أنه من استهزأ بمجرد اللحية لأنها سنة؛ فقد كفر وخرج من الملة؛ لأنها لحية وسنة؛ ولأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو من أتى بها ولم يأتِ بها موشي ديان ولا هتلر، وإنما أتى بها محمد عليه الصلاة والسلام، والله يقول للأمة ويقول لكل تابع على وجه الأرض: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:٦٥].

<<  <  ج:
ص:  >  >>