للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العاصم من التوله بالأجنبيات]

ومجنون ليلى ترجم له الذهبي وهو من الذين تولهوا وضيعوا قلوبهم وإيمانهم على امرأة، وهو من الذين يسمون عباد المرأة، كما يفعل بعض الناس الآن إذ يجعلون من المرأة إلهاً يعبد من دون الله بصوتها وبنغمتها وبنشر صورها على المجلات الخليعة بالهيام بها بكلمات يستحي الإنسان أن يذكرها في هذا المكان، ولذلك من يفعل هذا الأمر يصيبه مثلما أصاب مجنون ليلى فقد جن وذهب عقله من أجل امرأة.

والعاصم من التولع بالنساء وعشق الأجنبيات ثلاثة أمور:

أولاها: الاعتصام بالكتاب والسنة، قراءةً وتدبراً.

ثانيها: المحافظة على الفرائض الخمس والتزود بالنوافل.

ثالثها: كثرة الدعاء والذكر والابتهال إلى الواحد الأحد.

والإنسان قد يصاب بهذا، وبعضهم إذا أصيب بهذا وصبر عليه يؤجر، فيعف سمعه وبصره وفرجه، فربما كتم حبه حتى توفي، فيكون من المأجورين عند الله، أما حديث: {من عشق فأحب فكتم فمات مات شهيداً} فحديث موضوع باطل كذب على المصطفى عليه الصلاة والسلام.

ومن أصيب بالعشق فكتمه واستغفر الله وتاب وقرأ القرآن، ثم مات وهو على هذا الشيء فهو مأجور عند الله، وقد حدث هذا لأناس كثيرين، حتى من الصالحين كـ محمد بن داود الظاهري فقد أصيب بهذا، فغض طرفه، وقرأ القرآن وصبر، وتوفي قبل الأربعين من عمره، فهو من المأجورين إن شاء الله، والإنسان لا يستدعي هذه الأسباب؛ لأنه إذا استدعاها وقع فيها، فيكون من هؤلاء -نسأل الله العافية- فمن رخص لسمعه أن يسمع الأغنية، ومن نظر إلى المجلة الفاتنة، ومن أطلق بصره في أسواق المسلمين وأعراض المسلمين ونال أعراضهم فإنه سوف يصاب.

يقول المتنبي:

وأنا الذي جلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل

وأنت متى أرسلت طرفك رائداً إلى كل عين أتعبتك المناظر

أصبت الذي لا كله أنت قادرٌ عليه ولا عن بعضه أنت صابر

<<  <  ج:
ص:  >  >>