للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من مواقف السلف في الثبات على الدين]

قبيلة خزاعة:

استحت خزاعة من ربها أن ترد الحوض بلا بطل، فأنجبت أحمد بن نصر الخزاعي حامل لواء السنة، محدث بغداد، رأى المداد يلطخ ثياب طلاب السنة، فعزم أن يلطخ بدمه ثياب المبتدعة، قال له الخليفة الواثق: وافق، قال: لا يا منافق، فنحره بالخنجر فوقع ميتاً لتحيا السنة:

دم أزكى من المسك المصفى وروح في ذكاء الأقحوان

وتاريخ من الإقدام فعم كأن بريقه نصل يماني

{وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} [البقرة:١٥٤] الصدق حبيب الله، وصل الطعن في الأمة الرقبة، أمة دمها رخيص، ودماء الناس غالية، يتيمها في المحافل يبكي، وشيخها على القديم ينوح، تربية اللحى، وركعة الضحى ثابتة شرعاً، لكن نقض الميثاق وخلط الأوراق من أركان النفاق.

إذا لم تتهجد فاحضر الجماعة في المسجد، الذي يكشف صادقنا من كاذبنا صلاة الفجر والعشاء.

أتى ابن المبارك المحدث الكبير أمير المؤمنين في الحديث إلى زمزم ليشرب فذكر حديثاً من مروياته نصه: {ماء زمزم لما شرب له} فقال: اللهم إني أشربه لضمأ ذاك اليوم، فدمعت العيون.

ابن المبارك يعلم أن زمزم الوحي يشرب منه ليستشفى به من العلل، لكن من يقنع من يطلب العلاج في بروكسل بقناعة ابن المبارك:

من زمزم قد سقينا الناس قاطبة وجيلنا اليوم من أعدائنا شربا

وقال زميلي سلمان وأحسن أيما إحسان:

زمزم في بلدي لكن فمن يقنع الناس بجدوى زمزم

سمع ابن المبارك صياح المجاهدين، وهو يتقلب في الساجدين، ففك لجام البغلة وهتف:

بغض الحياة وخوف الله أخرجني وبيع نفسي بما ليست له ثمناً

إني وزنت الذي يبقى ليعدله ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا

ذهب إلى الشمال، يقطع رءوس الضلال، فلامه الفضيل على ترك الحرم، ولسان الحال يقول: ترك الجهاد حرام، فكتب ابن المبارك إلى الفضيل إلياذة:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب

فتمنى المصلون عند الركن اليماني أنهم يقاتلون الكفار بالسيف اليماني: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران:١٩٥].

شرب الخمر شارب في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فأدبه صلى الله عليه وسلم، وقام العذال فسبوا الشارب، فقال المعصوم عليه الصلاة والسلام: {ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله}.

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع

الحديد والخشب:

الحديد يتمدد بالحرارة وينكمش بالبرودة -هذه الفائدة تكتب بماء الخشب- والخشب يتمدد بالبرودة وينكمش بالحرارة، وبعض الناس لا يتمدد ولا ينكمش: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:١٧٩]

لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي

أحد الرؤساء سجن العلماء، ثم خطب في الدهماء، وقال: أنا إمام عادل كـ عمر بن الخطاب، فقال أحد العلماء: نعم.

عمر إمام عادل، وأنت عادل إمام.

تقايس بين طلحة وابن ساوي رعاك الله ما هذا التساوي

فـ طلحة مشرق الطلعات بدر وذاك الجلف في الحانات عاوي

أظلمت الدنيا، صدام إمام، وطارق عزيز يؤذن، وعزت إبراهيم يخطب، ومن صلى وراءهم فليعد صلاته، لأن الكيماوي المزدوج في جيب صدام، والصليب على صدر يوحنا وعزت إبراهيم يطلق الأسكود، وطه ياسين رمضان يصفق لأبطال أم الهزائم.

كلما انخفضت الأسهم ارتفع ضغط الدم؛ لأن الشيك مكتوب عليه: {وإذا شيك فلا انتقش} كل شيك من ربا معه شوكة من لظى: {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا} [الطور:١٦].

علمناك الفاتحة تصلي بها التراويح في الليالي، فتركتها وذهبت تغني البارحة: ما نمت مما جرى لي!

الكلاب تحب الجيف، والأسود تأكل مما تقتل، ومن رضي بأفكار البشر عن وحي رب البشر، فبشره بسقر، لا تبقي ولا تذر.

زياد بري:

براءة من الله ورسوله إلى زياد بري، شنق علماء المالكية والشنق عند مالك حرام.

مالك لا يرى الشنق، وهو حرام عنده:

جزى الله عنا المالكية ما جزى عن الدين أصحاب الإمام المبجل

هم وردوا حوض المنايا أعزة وقد أنفوا أن يصحبوا كل مبطل

روى البخاري في كتاب الرقاق أن علياً قال: [[إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن الدنيا عمل ولا حساب، والآخرة حساب ولا عمل]] وفي ترجمته رضي الله عنه يقول: [[يا دنيا يا دنية! غري غيري، زادك حقير، وعمرك قصير، وسفرك طويل، آه! من قلة الزاد وبعد السفر، ولقاء الموت.

يا دنيا! طلقتك ثلاثاً لا رجعة بعدها]] وعلي لا يرى نكاح المحلل؛ لأنه راوي حديث أبي داود: {لعن الله المحلِّل والمحلَّل له}.

عمر:

لما شمر عمر ثوبة في اليقظة جره في المنام، والقميص في النوم هو الدين واليقين، وأبو حفص أحد الأساطين.

نام عمر بلا حراسة تحت الشجرة؛ لأنه خوف الفجرة، عدل في الرعية، فنام في البرية، كان في التاريخ دُرة، لأن له دِرة فلله دَرُّه.

الكعبة، وحبة القلب، وإنسان العين، كلها سود، فلا عاش الحسود:

يروق لي منظر البيت العتيق إذا بدا لطرفي في الإصباح والطفل

كأن حلته السوداء قد نسجت من حبة القلب أو من أسود المقل

أسامة بن زيد رضي الله عنه أسود، وأبو لهب أبيض، ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه، يبيض الأول ويسود الثاني؛ لأن بياض أبي لهب بهرجاني: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة:١٦] في الليل إشفاق وفي النهار إنفاق، النوم لذيذ ولكن الخوف أطاره، وبعض العباد كان يتمنى أن يطول الليل:

طاول بها الليل ضن الجفن أو سمحا وما طل النجم مال النجم أو جنحا

فإن تشكت فعللها المجرة من ذوي الصباح وعدها بالقدوم ضحى

أسرار القرآن تبوح في الليل، والخوف والرجاء يتسابقان في الدجى.

في صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها أنها سُئِلت: متى يقوم الرسول عليه الصلاة والسلام؟ قالت: {كان إذا سمع الصارخ وثب} تقول: وثب ولم تقل: قام، وأنت عربي تعرف معنى: وثب، والصارخ: هو الديك:

يُصوت ديك الحي من حر ما بنا ويرثي لنا القمري ويبكي لنا الحجل

إذا ما بكتك الطير فاعلم بأنه تقارب منك العمر بل زارك الأجل

يقول عليه الصلاة والسلام: {نعم عبد الله لو كان يصلي من الليل} فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً.

إذا لم تصبر للسهر فركعتان عند السحر {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:٢٥] نحن نتحدث عن الربح وقد وقع النقص في رأس المال، لأن من لا يحضر الفجر جماعة لا يرشح لطاعة، طالب الأمة بالفرائض قبل النوافل، أما قيام الليل فلذلك الرعيل، والخيل المضمرة تسبق الخيل التي لم تضمَّر:

دعنا من التشبيه فـ السلف الأولى قاموا الدجى وتقطعوا في المعترك

هم درجات عند ربك في العلا فلا تقارن حب عمار بحبك

يقول شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري الهروي: عرضت على السيف خمس مرات لا يقال لي: اترك مذهبك، بل يقال: لا تتعرض للمذاهب، فقلت: لا.

قلنا: أما أنت فما سمعنا بمثلك وما عندنا إلا هروي واحد، وما سميت شيخ الإسلام إلا بعد تعب، قالوا لتلميذ الأنصاري هذا قبل أن يقتل: قل لا إله إلا الله؟

فقال: إن شيخي قال لي: إن الدابة لا تسمن في أسفل العقبة، وصدق الأنصاري.

تريد أن تتعامل بالربا فإذا حشرجت النفس تبت، تسمع الغناء فإذا حضر اليقين كسرت العود، تتهاون في الصلاة فإذا حانت الوفاة أذنت: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:٩٠]

أترجو أن تكون وأنت شيخ كما قد كنت في عصر الشباب

لقد كذبتك نفسك ليس ثوب جديد كالخليق من الثياب

<<  <  ج:
ص:  >  >>