للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[لباس أهل الجنة]

ما هو لباس أهل الجنة؟

أولاً: يا أيها الإخوة! تذكروا يوم العرض الأكبر أننا سوف نأتي عراة حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

وأول من يكسى إبراهيم عليه السلام، والناس يحشرون حفاةً عراةً غرلاً بهماً، كما ولدتهم أمهاتهم، حتى تقول عائشة وهي تتعجب: {يا رسول الله! عراة!! ألا ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال: الأمر أعظم من ذلك يا عائشة} {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:٣٤ - ٣٧].

هل يتفكر الإنسان أو ينظر؟!! لا والله.

الأمر أدهى وأعظم وأكبر من أن يتفكر الإنسان أو يوسوس في مثل هذه الأمور، فيكسى إبراهيم وليس بأفضلهم، بل أفضلهم محمد ثم إبراهيم، ثم يكسوهم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في الجنة، أما أهل النار فتقطع لهم ثيابٌ من نار، يصبُ من فوق رءوسهم الحميم، يصهر به ما في بطونهم والجلود، وفي بعض الروايات، يلبسون القطران ويلبسون الحديد المصفح الحامي، أما أهل الجنة فاسمع إلى لباسهم! قال سبحانه: {يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ} [الدخان:٥٣] قالوا: والسندس: ما غلظ من الديباج أو الحرير، وصح عند مسلم من حديث أنس {أن الرسول عليه الصلاة والسلام، أُهدي له جلبابٌ من سندس، فأخذ الصحابة يمسحون وينظرون، فيقول صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من ذلك؟! والذي نفسي بيده، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا}.

من هو سعد بن معاذ؟

شهيد أصيب في الخندق بسهم، ومات بعدها بقليل، اهتز عرش الله -كما صح بذلك الحديث- لموته!! فقد مات شهيداً فاهتز له عرش الله، وشيعه سبعون ألف ملك.

قال حسان بن ثابت:

وما اهتز عرش الله من موت هالكٍ سمعنا به إلا لـ سعدٍ أبي عمرو

ويخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مناديله- والمناديل إنما تعد للعرق ونحوه- أحسن من هذه الجبب التي هي من الحرير في الدنيا، فكيف بغيرها؟!!

وقال سبحانه في لباسهم: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} [الإنسان:٢١].

قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: {من يدخل الجنة، ينعم ولا يبأس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه} وصح في أحاديث أن ثياب أهل الجنة تخرج من ثمرات الأشجار، أي: أن كم الشجرة -وهو غصنها- يثمر فيأتي بأكمام، فتتفتق بثيابٍ مفصلة عليهم بكل لونٍ أرادوه، فينزعون الثياب ويلبسون!! إنه نعيم لا يتصوره الإنسان، والذي لا يكتسي بلباس التقوى، فوالله لو لبس ثياب الدنيا كلها ما ستره الله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>