للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[استشهاد أهل العلم على الوحدانية]

فأما القرآن فاسمعوا إليه وهو يتحدث عن أهل العلم، وما أعظم قيمة أهل العلم في القرآن، وما أجلها وما أنبلها، يريد الله أن يستشهد على وحدانيته سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وعلى ألوهيته، فبمن يستشهد؟ يقول جل ذكره: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:١٨] فانظر كيف استشهدهم على أعظم شهادة، وترك غيرهم فلم يستشهدهم مع من شهد له بالوحدانية، فهل هناك أعظم من أن يستشهد الله نفسه على وحدانيته، ويشهد الملائكة أن لا إله إلا هو، ويشهد العلماء أن لا إله إلا هو، والله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى شهدت له الكائنات بالوحدانية، السماء تشهد أن لا إله إلا الله، والأرض تشهد أن لا إله إلا الله، اللمعة من الضوء، القطعة من السناء، اللفحة من الهواء، ورقة الشجر، خرير الماء، هديل الحمام، كل شيء يشهد أن لا إله إلا الله.

وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد

فياعجباً كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد

إلا هذا الإنسان يوم يتكبر ويتنبر على كرسي الطغيان، فإنه يجحد الله ظاهراً لا باطناً، فرعون ملك نفراً من الناس، وقطعة من الأرض، ذرة من ذرة، وبقعة من بقعة، فقال لقومه: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:٣٨] وقال: {وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف:٥١] فأجراها الله من فوق رأسه؛ عندها علم من هو الذي يجري الأنهار، ويملك الديار، ومن هو الواحد الجبار، ومن له عقبى الدار، ومن بيده نواصي كل المخلوقين حتى يرث الأرض ومن عليها {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:٩٠] يقول له موسى، أستاذ التوحيد وشيخ العقيدة: يا فاجر يا خبيث: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً} [الإسراء:١٠٢] قرارتك ونفسك وخلدك يقول لا إله إلا الله، ولكن لسانك يكذب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>