للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من آداب الخلاف التحاكم إلى أهل العلم والكتاب والسنة]

الأدب السابع: التحاكم إلى صاحب أهلية في الحكم، أن إذا اجتمعت واختلفت أنت وزملاء لك أن تقول: نحكم فلاناً، العالم الداعية المفكر ليكون حكماً بيننا، وهذا هو الأحسن، وقد حدث هذا في السيرة كثيراً فاختلف ابن عباس رضي الله عنه وبعض الناس: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل وهو محرم، فقالوا: نحتكم إلى أبي أيوب الأنصاري صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم فاحتكموا إليه، فقال لهم: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يغتسل وهو محرم، فرضوا بحكمه، فقال المسور بن مخرمة لـ ابن عباس: والله لا أخالفك بعدها أبداً.

اختلف ابن عمر كما في مسند أحمد وسعد بن أبي وقاص: ابن عمر يرى المسح على الخفين، وسعد يقول: لا المسح على الخفين سنة، فلما وصلوا إلى عمر شكا ابن عمر سعداً إليه، فقال عمر: لا، وقال: إذا قال لك أبو إسحاق قولاً فلا تعدل بقوله، فلك أن تختار شخصاً من الأساتذة أومن العلماء تحكمه في المسألة، ثم تسمع أنت وإياه حتى تنهون هذه المسألة.

وكم من المسائل الخلافية الآن بين الشباب لا تنتهي، سنة كاملة وهم يدورون حول أنفسهم، ولو عرضواها على أعلم منهم لأنهوها في لحظة.

ومن آداب الاختلاف: الرد إلى الله ورسوله في مسائل الشريعة، قال تعالى: {فإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:٥٩] الرد إلى الله أي إلى كتابه، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أي إلى سنته عليه الصلاة والسلام، فإذا اختلفت أنت ورجل في قضية فقل: نحتكم إلى الكتاب والسنة وإلى أهل العلم الذين يبينون الكتاب والسنة وحينها تسمعون الحكم الصريح من الكتاب والسنة، قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:٣٨] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:٤٣] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء:٨٣] فالمقصود: لو ردوه إلى أهل العلم لعرفوا القضية، وهذه المحاكمة في العقائد، في العبادات، في الأخلاق، في السلوك، في الآداب العامة، على الاثنين إذا اختلفا ولم يرضخ أحدهما للآخر أن يعيداه إلى أهل العلم بالكتاب والسنة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>