للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فضل التائبين]

قال ابن تيمية: أعظم المنازل منزلة التائبين.

وتعجبت لهذه لأن ابن القيم نقلها في مدارج السالكين حتى عدت إلى تفسير قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار} [التوبة:١١٧] الله أكبر! أفنوا أجسامهم ودماءهم وأوقاتهم ونفوسهم ودموعهم في المعركة، وهم في غزوة العسرة، وفي الشمس والجوع والظمأ، ثم ينزل الله عليهم من السماء ويقول: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ} [التوبة:١١٧] كأنه يقول: أبشروا تبت عليكم.

أنت الآن إذا جاهدت وسارت مهجتك وقتلت ثم نزل من السماء تاب الله عليك تقول: بعد هذا الجهد يتوب الله علي؟! نعم تاب الله عليك.

قال ابن تيمية: وختم الله حياة الرسول عليه الصلاة والسلام بـ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً} [النصر:١ - ٢].

فهل قال له: استبشر بالمنزلة العالية هل قال له: ادخل الجنة؟

هل قال له: قصرك في الجنة كالربابة؟

بل قال: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} [النصر:٣] أي نعلم أن جهدك كبير لكن استغفر، أنت بذلت وأعطيت لكن استغفر، أنت منحت وقدمت وضحيت وفديت وتعبت وسهرت لكن استغفر؛ لأن هناك تقصيراً.

قال ابن تيمية: وختم الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة بالاستغفار.

نصلي ونتعب وبعد أن نسلم نقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله.

وختم الله الحج بالاستغفار؛ قال تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:١٩٩] إذا أفضتم فاستغفروا.

هذه أسرار في دين محمد صلى الله عليه وسلم يفهمها أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.

<<  <  ج:
ص:  >  >>