للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[برنامج الصائم في رمضان]

العنصر السادس: برنامج الصائم في رمضان، وهذا البرنامج مجرد وجهة نظر واقتراح، ولكل أن يستحسن ما كان أقرب إلى الكتاب والسنة، وأن يستخير الله، لكنه مقترح، وهو خطوط عريضة أو مسارات واسعة يمكن للإنسان أن يختار منها ما يشاء.

أقول أيها الإخوة: مما يعلم أن هذا البرنامج يتفق مع أوقات الصلاة؛ لأن الله يقول: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:١٠٣].

أقول:

الأمر الأول: صلاة الفجر في جماعة:

أول ما يبدأ به العبد: صلاة الفجر في جماعة، قال عليه الصلاة والسلام في الصحيح: {من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله، فالله الله لا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من طلبه أدركه، ومن أدركه كبه على وجهه في النار}.

ويقول عليه الصلاة والسلام: {أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر} فهم لا يستطيعونها، فصلاة الفجر محك بين المؤمن والمنافق، فأول ما يبدأ به الصائم أن يصلي الفجر في جماعة.

الأمر الثاني: المكث في المسجد حتى طلوع الشمس، ثم الصلاة ركعتين:

وبعض العلماء -أثابهم الله- يصححون حديث: {من صلى الفجر في جماعة، ثم جلس في مجلسه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت كعدل حجة وعمرة تامة تامة تامة} والبعض يضعف هذا الحديث، ونرجو لمن يفعل ذلك الإثابة الوعدية، الموعودة من معلم الخير عليه الصلاة والسلام، وهو وقت يسير، وخاصة هذه الأيام، لكنه وقت نور ووقت غذاء للقلب ووقت فرح وسرور للخاطر، فتمكث في هذا الوقت العظيم الذي يزيدك من طاقات الإيمان ويغنيك عن كثير من التأليفات، وهذا الوقت أمره عجيب، ثم الصلاة ركعتين كما سلف.

الأمر الثالث: صلاة الضحى:

أقترح لإخوتي ما دعا إليه عليه الصلاة والسلام من ركعتي الضحى، ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: {أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن حتى أموت: وذَكَر: ركعتي الضحى} أو أربع أو ست أو ثمان خاصة في رمضان، فهي أحسن ما يكون، وهي صلاة الأوابين، حين ترمض الفصال، فإذا ارتفعت الشمس في أعلى الضحى قم فتوضأ فهو وقت غفلة، الناس في متاجرهم وحراجهم وأسواقهم، وأنت تسبح الله.

الأمر الرابع: الراحة للنوم:

ومنها: الراحة للنوم؛ لأن كثيراً من الناس يسهر في الليل فيرتاح إلى العاشرة ثم يذهب إلى عمله أو وظيفته أو مدرسته.

الأمر الخامس: صلاة الظهر مع رواتبها:

ثم استقبل صلاة الظهر وصلِّ قبلها أربعاًَ وبعدها أربعاً، فقد صح عن عنبسة بن أبي سفيان أن أخته رملة - أم حبيبة - حدثته أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: {من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها حرمه الله على النار.

وفي مسند أحمد: {أن عَنْبَسة هذا لما حضرته سكرات الموت كان أميراً، فبكى وتقلب على وجهه من البكاء، قالوا: ما لك؟ قال: حديث سمعته من أختي رملة ما عملت به، قالوا: ما هو؟ قال: من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها حرمه الله على النار} ثم صلاة الظهر، ثم صلاة أربع بعدها كما أسلفت.

الأمر السادس: القيلولة:

ثم القيلولة لمن استطاع أن يقيل.

الأمر السابع: صلاة العصر مع راتبتيها:

ثم يصلي أربعاً قبل صلاة العصر، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً}.

الأمر التاسع: قراءة القرآن، والدعاء:

وبعد صلاة العصر إلى صلاة المغرب هذا وقت القرآن، وهذا وقت الاتصال بالمصحف العظيم، ووقت الجلوس في الأدعية والأذكار، وأرى أن يخصص الوقت الأوفر لقراءة القرآن، ويبقى وقت بين المغرب وقراءة القرآن للذكر والدعاء.

الأمر العاشر: إيحاءات قبل صلاة المغرب:-

فإذا حل الإفطار كانت هناك إيحاءات ومشاعر فياضة، وأشواق، فمن الإيحاءات:

الأول: أن انصرام هذا اليوم يذكرك بانصرام العمر.

الثاني: أنه كما ذهب منك هذا اليوم فسوف يذهب عمرك من بين يديك.

الثالث: أن الناس في حياتهم وحسابهم كما هم عند إفطارهم، فمقبول منه مشكور سعيه، ومتبر سعيه باطل ما عمل.

الرابع: أنك تقدم يدك للإفطار وأنت جائع ظامئ الكبد، وتقول ما روي وما ذكر في السنة من الدعاء الذي ذكر: {ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله} وهو حديث في سنده كلام، وتدعو بما تيسر، فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {للصائم دعوة لا ترد} وأحسن دعوات الصائم قبل أن يأكل شيئاً وقبل أن يشرب شيئاً؛ لأنه في حالة من الانكسار والعوز والذلة والخشوع والمسكنة، فيرفع كف الضراعة في صلاح نفسه، وقلبه وأسرته وأهله ومجتمعه، ثم يأكل ما تيسر من الرطب، وقد ورد في الحديث: {فإن لم يجد فتمر فإن لم يجد فماء} سبحان الله! أي سر في هذا الدين! ولماذا التمر؟!

لقد اختاره عليه الصلاة والسلام وهو طعام الحامل يوم تضع ولدها، فهو أحسن شيء، وهو ما فعله عليه الصلاة والسلام يوم حنك الأطفال، فأول ما يولدون، وقبل أن يشربوا لبناً أو يذوقوا شيئاً كان يحنكهم عليه الصلاة والسلام بالتمر فيتلمظونه.

وقد أتى أنس بأخيه من أم سليم وهو طفل صغير ما رضع، فحنكه عليه الصلاة والسلام بالتمر، فأخذ يتلمظ الطفل فتبسم عليه الصلاة والسلام، وقال: {انظروا إلى حب الأنصار للتمر} فالتمر فيه سر عجيب، يقولون: البطن الخاوي أحسن ما يصادفه الحلو، فإن لم يجد فماء.

الأمر الحادي عشر: صلاة المغرب مع راتبته:

ثم يصلي المغرب مع راتبته.

الأمر الثاني عشر: العَشاء:

ثم يعود فيأخذ ما تيسر ولا يجحف إجحافاً عظيماً، فإن بعض الناس يأكل أكلاً ذريعاً، فيأتي إلى التراويح وكأنه مصاب ببنج، حتى أن بعضهم يصلي العشاء وبعض التراويح وهو جالس؛ لأن بينه وبين أضلعه مخلاة -الله أعلم بها- قد عبئت بأنواع الأطعمة والأشربة ومن السوبر ماركت مباشرة، فلا يستطيع أن يصلي، حتى يقال: إن بعضهم يشرب من هذه الشربة حتى لو غمز بمسمار في قدمه لخرجت الشربة من أذنه.

وعلى كل حال التخفيف وارد؛ ليستطيع أن يواصل الإنسان العبادة، ثم يكمل بعد العِشاء، ومن جرب عرف.

الأمر الثالث عشر: صلاة العِشاء وراتبتيها، والتراويح:

ثم يصلي مع المسلمين العِشاء وراتبتيها، وليحافظ على التراويح.

يا أيها الإخوة! التسيب في صلاة التراويح ليس بجيد، خاصة من طلبة العلم والأخيار، بل يقفون وراء الإمام حتى يقضي الصلاة ويكثرون من الدعاء والاستغفار؛ فإن دعاءهم مع المؤمنين أعظم من دعائهم وحدهم.

الأمر الرابع عشر: السمر مع الأهل وزيارة الأحبة:-

ثم يعودون للسمر مع الأهل أو زيارة الأحبة ولو ساعة أوساعتين.

الأمر الخامس عشر: النوم:-

ثم أحبذ أن ينام المسلم ولو ساعة في الليل، فنوم الليل لا يعوضه شيء، والله قد جعل الليل لباساً والنهار معاشاً، ولذلك أثبت الطب هذه الآيات البينات بل أتى بما يوافقها، ونحن نأخذ بالآيات ولو خالفها الطب، لكن قالوا: إن الخلايا لا تنام في الضوء، ولذلك إذا أرادوا أن ينوِّموا رجلاً في المستشفى أغلقوا النوافذ والنور، فجعل الله هذا الليل هدوءاً للجسم ليرتاح ويهدأ، فسبحان الله الحكيم بعباده! وسبحان الذي جعل النهار نشوراً!

الأمر السادس عشر: الصلاة والدعاء قبل الفجر:-

ثم يستيقظ قبل الفجر فيصلي ما تيسر: ركعتين، أو أربعاً، ويدعو ويستغفر.

الأمر السابع عشر: السحور:-

ثم يتسحر فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {تسحروا فإن في السحور بركة} فالسحور بركة، و: {فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر} ثم يَكُفُّ عن السحور قبل أذان الفجر ولو بمقدار خمسين آية؛ لحديث زيد بن ثابت في صحيح البخاري في ذلك.

الأمر الثامن عشر: الاستغفار والتهيؤ لصلاة الفجر:-

ويبدأ يستغفر ويتهيأ لصلاة الفجر.

فإذا فعل ذلك فإن حياته وصيامه مقبول بإذن الله.

فهذا برنامج مقترح وهو يقبل التعديل من أصحاب الخبرات وأهل التجارب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>