للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الاجتهاد في رفع الرياء]

السؤال

أنا مؤذن ولكن بعض الشباب يقول: أنت إنسان تؤذن للرياء؟

الجواب

أنت أعلم بقلبك فاستفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك، ولا تأتيك هذه الهواجس والوساوس حتى تترك الأذان؛ بل اجتهد أن تخلص وتقصد به وجه الله، وما عليك من كلام الناس، فإن هذه الخطرات التي أتى بها الخرافيون، والواردات التي يناقشها مثل الغزالي في الإحياء تبطل الإنسان أحياناً من العمل، الحارث المحاسبي صاحب كتاب الرعاية دخل في الخطرات والوساوس مثل هذا الكلام وقال: من يؤمن المؤذن إذا رفع صوته أن يأتيه الرياء فيحبط الله عمله أوله وآخره؛ فترك الناس الأذان، ثم قال: من يؤمن الإنسان إذا أتى إلى المسجد فرآه الناس وقد خرج من بيته متوضئاً يريد وجه الله أن يكون يريد الدنيا بصلاته فتركوا صلاة الجماعة.

فيقول ابن القيم في أول مدارج السالكين: العاقل لا يبني قصراً ويهدم مصراً مثل ما فعل المحاسبي في كتاب الرعاية فإنه لما ألفه ترك الناس المساجد، وأنا أقول: ليتك يـ ابن القيم رحمك الله تركت مدارج السالكين، ليتك صرفت هذا الجهد في كتاب أروع وأبدع منه من كتبك الرائعة البديعة الحية، وقد قالها بعض العلماء قبلي، وما أنا إلا طويلب بالنسبة لهم، فقالوا هذه الكلمة: ليته صرف هذا الجهد في كتاب آخر، إنما أقول لأنه دخل في دقائق لا يعرفها الصحابة دقائق النفس، وعذَّر لـ عبد الله بن محمد الهروي شيخ الإسلام رحمه الله مع أن ابن تيمية يقول: عمله خير من علمه، ومنازل السائرين ينتقدها ابن تيمية ويجرح فيها تجريحاً مع العلم أن ابن القيم تأتي الكلمة وهي أعدل من رجل الحمار فيمسحها رحمه الله ويقول: لا يريد الشيخ كذا، فأنا لا أجادل في الكتب، وإنما قصدي أن تترك الواردات هذه والخواطر والوساوس واجتهد في الإخلاص وصدق اللجوء إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>