للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[لا دين بلا صلاة]

ودين بلا صلاة معناه الضياع فلا منهج ولا أخلاق ولا سلوك كيف تطلب من الفرد -مدنياً كان أو عسكرياً- أن يكون صادقاً وهو لا يصلي؟!

كيف تطلب منه أن يكون أميناً وهو لا يصلي؟!

أم كيف تطلب منه أن يكون وفياً وهو لا يصلي؟!

إن من هدم ما بينه وبين الله يهدم الله ما بينه وبين الناس.

إن إرادتنا وقوتنا وأصالتنا وعمقنا في الصلوات الخمس، وحين نتركها نضيع -والله- هباءً منثوراً.

إن مبدأ الصدق هو حفظ الله في ظهر الغيب، ولذلك يقول لقمان لابنه وهو يعظه: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان:١٦] ما مناسبة الإتيان بحبة الخردل؟

يقول: لو كانت الخردلة في صخرة صماء لا يظهر منها شيء، لأتى بها السميع البصير.

لماذا؟! ليقول له: يا بني، لو تسترت بالجدران فإن الله معك ولو اختفيت وراء الحيطان فالله معك، ولذلك وجد في الناس من قلَّت رقابته للواحد الأحد؛ فضيع مسئوليته وأمانته وضيع عمله، فإن كان المسئول على رأسه بالسوط والتهديد، فهو أمامك عامل مخلص مجيب، ولكن إذا اختفيت عنه ضيع، لأنه في منظوره اختفى عن نظر الله، ومبدؤنا: {اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يرك}.

يقول الأندلسي وهو يوصي ابنه:

وإذا خلوت بريبة في ظلمةٍ والنفس داعية إلى الطغيان

فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني

قيل للإمام أحمد: ما دليل قدرة الله؟ قال: يا عجباً! بيضة الدجاجة ظاهرها فضة بيضاء، وباطنها ذهب إٍبريز، فتفقس فيخرج منها حيوان سميع بصير، ألا يدل على السميع البصير؟!

وهذا أعرابي بدوي صلى في الصحراء ركعتين، فقال له رجل من الملحدين: لمن تصلي؟ قال لله.

قال: هل رأيته، قال: عجباً لك! الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وليل داج، ونجوم تزهر، وبحر يزخر، ألا يدل على السميع البصير؟!

قل للطبيب تخطفته يد الردى من يا طبيب بطبه أرداكا

إنه الله

قل للمريض نجا وعوفي بعد ما عجزت فنون الطب من عافاكا

إنه الله

فيوم تركت الرقابة وقعنا فيما وقعنا فيه، والرقابة تبدأ بالصدق مع الواحد الأحد.

قام عليه الصلاة والسلام على المنبر قبل معركة أحد بيوم، فأعلن الحرب على أبي سفيان، وندد بإجراءاته وظلمه وتعسفه حول المدينة، وقال: {نقاتلهم في المدينة، ولا نقاتلهم في أحد فقام شاب في الخامسة والعشرين من عمره -يوم كنا نحمل المبادئ- قال: يا رسول الله! لا تحرمني دخول الجنة، فوالله الذي لا إله إلا هو لأدخلنها، فتبسم عليه الصلاة والسلام، وقال: بماذا تدخل الجنة؟! قال: بخصلتين، أولها: أني أحب الله ورسوله، وثانيها: أني لا أفر يوم الزحف، قال عليه الصلاة والسلام: إن تصدق الله يصدقك، فبدأت المعركة وحضر هذا الشاب، وضاهى بنفسه يريد جنة عرضها السماوات والأرض لا يقاتل من أجل ناقة أو شاة أو بعير، لا بل من أجل رضى الواحد الأحد، فقتل، فمر به صلى الله عليه وسلم ومسح التراب عن وجهه، وقال: صدقت الله فصدقك الله، صدقت الله فصدقك الله، صدقت الله فصدقك الله} وليس بغريب أن يأتي من أمثالكم من الأبرار الأماجد فيعيدون سيرة السلف الصالح.

من جدكم؟ خالد بن الوليد، الذي تحدى الموت، قيل له: يا خالد، إن كنت متوكلاً على الله كما تزعم فهذه القارورة مملوءة سماً فاشربها، فقال خالد: [[بسم الله توكلت على الله، وشرب القارورة كلها، ثم قال: الحمد لله، فما أصابه شيء]] لأنه توكل على الواحد الأحد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>