للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قصة أبي لبابة]

وفي الأخير قالوا: أرسل لنا رجلاً، فقال: من يخرج إليهم؟ قال أبو لبابة: أنا، فقال صلى الله عليه وسلم: اصعد لهم في الحصون، فصعد إليهم وكان حليفاً لهم، فلما رأوه بكوا بكاءً شديداً وتنابحوا في وجهه كالكلاب، وأخذوا يقدمون الأطفال والجواري في وجهه، ويقولون: أترضى بأن يذبح هؤلاء؟ بماذا تنصحنا؟ أتنصحنا أن ننزل لمحمد أم تنصحنا أن نبقى في حصوننا؟ فقال: كذا، (يشير بيده إلى رقبته) يقول: إذا نزلتم فسوف يذبحكم الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الإشارة تكفي عن الكلام.

فينزل رضي الله عنه وأرضاه وقد أساء وعلم أنه قد أساء، فيذهب ولا يمر بالرسول عليه صلى الله عليه وسلم ولا بالصحابة، ولكن يذهب إلى المسجد فيأتي إلى سارية من سواري مسجده عليه الصلاة والسلام، فيربط نفسه بالسارية ويبكي ويقول: والله الذي لا إله إلا هو لا أفك نفسي ولا أحل الحبل حتى يحله الرسول صلى الله عليه وسلم، لقد خنت الله ورسوله، وبالفعل هذه خيانة، فيسمع عليه الصلاة والسلام ويقول: أين أبو لبابة؟ ما عاد إلينا، قالوا: حدث من أمره كذا وكذا، فيقول عليه الصلاة والسلام: وأنا والذي نفسي بيده لا أحله حتى يتوب الله عليه.

لأنه هو الذي أساء، فلما أنزلهم صلى الله عليه وسلم وذبحهم توجه إلى المدينة ونزل فيها وأخذ الصحابة يمرون على أبي لبابة وهو يبكي بكاءً مراً، وكلما اقترب منه رجل ليحل الحبل أبى قال: لا.

حتى يحله الرسول صلى الله عليه وسلم، فينزل الله توبته من فوق سبع سماوات، ويغفر له ذنبه، ويقوم عليه الصلاة والسلام فيفك الحبل بيده، فيقوم وقد فرح بتوبة الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بتوبته.

هذه أحداث الأحزاب والخندق، وإن شئت فألحق معها بني قريظة وما حدث فيها، وفي هذه القصة مسائل:

<<  <  ج:
ص:  >  >>