للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[رد المظالم إلى أهلها]

ومن أسباب التزود للآخرة: رد المظالم على الناس، وهي المظالم التي أخذت من الأعراض والأموال والحقوق وذلك بأن ترد على أصحابها قبل ألا يكون درهم ولا دينار ولكن حسنات وسيئات، يؤخذ من سيئات الناس وتوضع عليك ويؤخذ من حسناتك وتدفع إلى الناس وهذه هي المقاصة عند الله يوم القيامة فلا درهم ولا دينار.

صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق؛ لقي الله وهو عليه غضبان قالوا: ولو كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: ولو كان قضيباً من أراك} وهذا الحديث من رواية سعيد بن زيد بن نفيل، وله قصة فقد كانت له مزرعة في العقيق والعقيق ضاحية من ضواحي المدينة فأتت امرأة عجوز فشكته إلى مروان بن الحكم، وقالت: هذا اغتصب أرضي ومزرعتي، والمزرعة له، فدعاه مروان والي المدينة وقال: أتأخذ حقها؟ قال: ما كان لي أن آخذ من حقها شيئاً بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان} ولكن ليس له بينة وكان عليها أن تحلف أو تقسم.

فأقسمت العجوز أن الأرض لها فأخذت الأرض.

فقال سعيد بن زيد: [[اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واقتلها في مزرعتها]] فعمي بصرها وذهبت تأخذ ماءً فوقعت في البئر ميتة.

وهذه من كرامات الأولياء، والمقصود من هذا أن على العبد أن يرد مظالم الناس التي أخذها من عقار ودار ومال وأعراض بسب أو شتم وأن يستغفر لهم ويتوب من ذلك وأن يستسمحهم قبل العرض الأكبر وقبل الطامة الكبرى.

هذه جولة عن هذه القضية التي يجب على الإنسان أن يعيشها صباح مساء، وأن يتأملها وأن يعلمها علم اليقين {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:١ - ٨] اللهم هون علينا السؤال يوم العرض الأكبر، ويسر علينا الوقوف يوم الحشر، وتولنا فيمن توليت.

وأسأل الله أن يصلح أحوالنا الظاهرة والباطنة، ونسأله -كذلك- سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يصلح ولاة الأمر وأن يهديهم سواء السبيل، وأن يصلح علماءنا وأمراءنا وقضاتنا وموظفينا، ويصلح أمتنا وبيوتنا وشبابنا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>