للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أضرار العصبية]

السؤال

هل لك أن تحدثنا عن أضرار العصبية؟

الجواب

السائل يقصد العصبية القبلية الجاهلية التي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمها ولقطعها وإزالتها قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران:١٠٣] وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:١٠].

وقال صلى الله عليه وسلم: {المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ولا يسلمه، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه}.

العصبية الجاهلية طاغوت وصنم موجود في بعض الأماكن والمجتمعات القبلية التي يكثر فيها القبائل، والتحزبات القبلية، وذكر مناقب القبيلة على حساب القبيلة الأخرى، وتربية الأطفال عليها فيرضعونهم مع اللبن العصبية الجاهلية والتمييز العنصري، يقول: أنا ابن فلان وهذه من دستور أبي جهل وفرعون وهامان وقارون، أما محمد صلى الله عليه وسلم فإنه منها بريء، ولا إله إلا الله كم شتت من القلوب! وكم فرقت من الأرواح! وكم سفك في سبيلها من الدماء! وكم انتهكت في طريقها من المحارم، وهي من العادات الجاهلية التي لا تنتشر إلا في المجتمعات المتخلفة التي ما رأت نور الوحي، ولا سمعت بدعوة الرسول عليه الصلاة والسلام أو سمعت سماعاً في الجملة.

وعلى كل حال: فالله الله في التآخي وأخذ مقياس الإسلام، ففي حديث -فيه نظر- عن أسماء بنت يزيد: {أن الله إذا جمع الأولين والآخرين يوم القيامة يقول: يا أيها الناس إني وضعت أنساباً ووضعتم أنساباً، فوضعتم نسبي ورفعتم أنسابكم (أي في الدنيا) اليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم} قلت: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:١٣] وقلتم: أكرمنا فلان بن فلان وبالفعل قالها أبو جهل يقول: إنه سيد العير والنفير، وبلال مولى يباع، لكن أتى الإسلام فقال: لا بلال سيد وأنت حقير زنديق رعديد لأنك كفرت بلا إله إلا الله.

وهذا سلمان الفارسي رضي الله عنه جلس مع نفر من العرب، يريدون أن يكبتوا سلمان وهو في العراق فقال رجل: ممن أنت؟ قال: من بني تميم، والثاني من غطفان، والثالث من فزارة، ولما أتى الكلام إلى سلمان قال:

أبي الإسلام لا أب له سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم

يذكر ابن القيم في طريق الهجرتين كلاماً معناه: قالوا لـ أبي جهل: من أبوك؟ قال: العير والنفير، من أنت؟ قال: سيد أهل الوادي، ماذا تريد؟ قال: أريد الرئاسة أو ما يشبه ذلك.

وقالوا لـ سلمان: ما زادك؟ قال: التوكل على الله.

قالوا: وما عصاك؟ قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.

قالوا: من إمامك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم.

قالوا: ماذا يريدون؟ قال: يريدون وجهه.

قالوا: أين مسكنهم؟ قال: المسجد.

قال: {دعها فإن معها سقاءها وحذاءها ترد الماء وترعى الشجر حتى يلقاها ربها}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>