للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الدرس الرابع: ضمان العارية إذا تلفت]

فإن صفوان {يقول: غصباً يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة} يقول: إذا تلفت هذه الدروع والسلاح نضمنها لك, فلما تلفت بعض السيوف وتكسرت في أيدي الأنصار كما يقول الأول:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب

يقول: كلهم ما شاء الله أخلاقاً وسماحاً وجوداً وشجاعةً لكن فيهم عيب واحد وهو يمدحهم قالوا: ما هو؟ قال: سيوفهم مثلمة من كثرة ما قاتلوا الأعداء.

فالصحابة تثلمت سيوفهم وثلموا سيوف صفوان بن أمية , فأتى يقلب السيوف وهي مثلمة فيقول: للرسول صلى الله عليه وسلم: أهذا سلاحي؟ فيقول صلى الله عليه وسلم: نضمنها لك، قال: لا لقد أسلمت والإسلام خير لي لا آخذ منها شيئاً، فرزقه الله الإسلام, وهو خير من الدروع والسيوف، وقبل المعركة كان صفوان وراء الزبير بن العوام.

ويقول أحد عيون الرسول صلى الله عليه وسلم الذين أرسلهم ليكونوا بين مالك بن عوف النصري وقبائل الطائف , يقولون: وقفنا معهم فلما مرت كتائب الرسول عليه الصلاة والسلام، سمعنا مالك بن عوف النصري يقول: أي كتيبة هذه؟ وقد مدوا سيوفهم على آذان خيولهم- قالوا: هؤلاء بنو سليم لا يقتلون أحداً ولا يقتلون، يعني: أنهم عند العرب ليسوا بشجعان.

قال: والكتيبة الثانية -أناس مروا على الخيل سيوفهم معروضة على أكتافهم- قالوا: هذا الموت الأحمر الأوس والخزرج، قال: ومن مر، قالوا: مر خيال واحد -ذكر هذا ابن كثير - على رأسه عصابة حمراء كأنه صقر على فرسه نحيف، قال: هذا الزبير بن العوام واللات والعزى لا يفارقنكم حتى يخالطكم بسيفه.

قالوا: فلما اقترب الزبير وراء الكتيبة ووراء الشجر أقدم إليهم ثم خالطهم بسيفه, حتى عمل فيهم معركة.

وكان صفوان يقول: لما رأيت الزبير دخل في الكتيبة فررت.

لأنه من أهل المداخل: أما صفوان فلا يورط نفسه في هذه الورطات، بل ينتظر حتى تأتي مائة ناقة؛ رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>