للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حقيقة الإخلاص]

يا إخوتي في الله أما في حقيقة الإخلاص: فهو كما قال القشيري في رسالته.

الإخلاص أن تعمل عملاً لا ترجو ثوابك فيه إلا من الله.

وقال غيره: ألا يحول بينك وبين الله خلق.

وقال غيره: أن يكون عملك أمام الناس وفي الخلوة سواء، تصلي وحدك كأنك أمام الناس، وتصلي أمام الناس كأنك وحدك.

ابن تيمية -وأنا أذكره كثيراً وبعض الناس يلومون عليَّ ذلك، وقد كان ابن الجوزي كما يذكر عنه ابن رجب في طبقات الحنابلة أنه قيل له: فيك خير إلا إنك تكثر من ذكر الإمام أحمد.

فقال: سبحان الله! تلومونني من ذكر الإمام أحمد كثيراً! ثم أنشد على المنبر:

أتوب إليك يا رحمن مما جنت نفسي فقد كثرت ذنوبُ

وأما عن هوى ليلى وتركي زيارتها فإني لا أتوب

يقول: لا أتوب من ذكر الإمام أحمد، بل دونه قطع الرءوس.

فـ ابن تيمية كان مخلصاً لله، حتى ذكر ابن عبد الهادي أنه لما دخل الإسكندرية اجتمع له الناس، فيقول أحد تلاميذه: يا شيخ الإسلام! هؤلاء يريدون قتلك؛ فنفخ في كفه وقال: والله كأنهم ذباب.

لماذا؟ لأنه عرف الله فـ {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً} [الفرقان:١ - ٣].

<<  <  ج:
ص:  >  >>