للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[علماء أهل السنة رجال عامة]

علماؤهم رجال عامة، ليس في الإسلام عالم يغلق على نفسه في البيت، فلا يرى الشمس إلا مرة في السنة، وهذا ليس من علماء أهل السنة.

علماء أهل السنة في المسجد وفي السكة والشارع، وفي الرصيف وفي الأندية، وفي مجامع الناس والكليات والجامعات، يفيد الناس، وينفق مما أتاه، قال الشاعر عن العلم:

يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفاً شددتا

الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هم علماء بني إسرائيل، فهم يكتمون العلم، تأتي عند العالم فتحلف ألف يمين فيقطر عليك بالقطارة، كأنه يعطيك من دمع عبده، ثم تسأله وتقبل جبينه وعينه اليمنى واليسرى وعلى كفيه وأرجله أن تفيدنا بحديث فيعطيك نصف حديث!! كأنه ينفق من لحمه ودمه، تتوسله وتداجي عليه وتخادعه، حتى يجلس جلسة نصف ساعة ثم يمتن بها ويقول: تكفيكم سَنَة.

الإمام أحمد نشر علمه في المسجد والشارع والسوق، وفي كل مكان.

أما بعض الناس -وهو منهج بدعي- فيرى أن الانتشار مع العامة وتحديثهم وإفادتهم ليس منهجاً دعوياً وهذا خطأ؛ ولذلك لا تثمر هذه الدعوة ولا ينجح هذا التنقيط؛ لأن الدعوة تدعو الناس إلى لا إله إلا الله، إلى الصلاة والصيام، والحج والزكاة، وغيرها من أمور الإسلام ندعو الناس إلى علم ظاهر، ليس عندنا أسرار ولا ألغاز ولا أحاجي.

صح عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: [[إذا رأيت الناس يتناجون في دينهم فاعلم أنهم على دسيسة]] يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: {إنما الأعمال بالنيات} فارفع صوتك بها وليس في هذا حياء، هو علم فانشره في الناس، واجعله كالمطر.

علماء السنة يفيدون العامة، ينزلون إلى الناس، يقودون الشباب، يفرحون إذا طرق شاب على باب أحدهم فيخرج له ينظر ماذا يريد؛ هذا ثوبي فافترشه، وخذ الفائدة.

كان الزهري يدور على الناس يعلمهم الحديث، وصح عن عروة بن الزبير أنه كان يعطي الذهب والفضة والدراهم ويقول: تعالوا اسمعوا مني الحديث، فكيف بالإنسان الآن يقدم على العالم ويحتال عليه، ويكتب له عريضة كأنه يراجع في مشروع، ثم تخفق العريضة ولا يفتح بابه، والعصا جاهزة عند الباب! هذا ليس بصحيح! وليس بمنهج أبداً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>