للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[توضيح وانتقاد على بعض الكتاب]

السؤال

أريد أن تتحدث عن هؤلاء الكُتَّاب: طه حسين، العقاد، باكثير، الغزالي، سيد قطب، النبهاني، وما رأيك فيهم؟

الجواب

طه حسين رجل مشهور، توفي قبل سنوات، يسمونه: عميد الأدب العربي، وفي التسمية نظر، وهذه تسمية لا تصح أن تُطلق؛ لأنها ما أطلقت على خير.

لا أدري لماذا حَقِدَ هذا الرجل على الإسلام؟! ولا أدري لماذا ثار عليه؟! ولا أدري لماذا ينقم على الله، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين؟! أينقم طه حسين أن كان فقيراً فأغناه الله، وكان جاهلاً فعلمه الله، وكان مغموراً فأظهره الله؟! ما لَهُ؟! رأيتُ كتبه، وقرأت كثيراً منها، ورأيت الرجل في قلبه شيء، يريد أن يُبْدِي بشيء، يستهزئ بالغزوات، ويصف بدراً بأنها حروب حاقدة بين الأوس والخزرج، أو المهاجرين وقريش! عجباً لك يا طه حسين! {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران:١٢٣] أتجعل بدراً حروباً قبلية؟! أتجعل القرآن مِن هذا القبيل؟!

طه حسين درس في فرنسا، وتزوج من هناك، وتأثر بهم، وجعل قبلته وكعبته ومصلاه فرنسا، فلذلك لا نقبله، ولا نرتضي كتاباته، صحيحٌ أن الرجل بليغ، ومفكر، وذكي، يتدفق بلاغة وفكراً وذكاء؛ لكن ليس كل ذكي زكي، فبعض الأذكياء ضلوا بذكائهم.

صحيحٌ أن الرجل قصصي، ومؤثر، ومسرحي، ويجيد في هذه الفنون، لكن لا نرضاه، وهو أديب وليس بعميد أدبنا أبداً، فإن عندنا عمداء وزعماء في الأدب غيره، عندنا سادة يسيرون القلم، السحر الحلال، فيذوبونه ويسحرون ويخلبون بكلماتهم الألباب، عندنا شعراء وأدباء، كـ ابن القيم، أعتبره أكبر أديب، مَن يقرأ كتبه يعتبر أنه قمة في الأدب.

من العصريين: الأستاذ علي الطنطاوي، مسلم، متحمس، مؤمن، يخاف الله، يمدح الإسلام، يبكيك وأنت تقرأ له، اقرأ: نحن المسلمين، في أول كتاب: قصص من التاريخ، واقرأ مذكرات كتبه في ستة مجلدات، مقطوعات كأنها من رحيق الجنة، هذا أدبنا، أما ذاك فلا نرتضيه، (لا لستُ من قيسٍ ولا قيسُ مِنِّي).

أما عباس محمود العقاد: فقد تكرر الكلام عنه في مناسبات، ولكنه على كل حال أحسن حالاً من صاحبه، وأقرب قليلاً، ونحن نناسب بين الناس: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة:٨] كأن فيه رائحة خير، وكأنه يميل إلى الخير، كتب في: عبقرية محمد عليه الصلاة والسلام، فأساء في نواحٍ من هذا الكتاب، فقد قارن بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين نابليون، وكتب: عبقرية عمر، فأجاد في نواحٍ، وأساء في نواحٍ، وكتب: معاوية في الميزان، فمن هو العقاد، حتى يزن الصحابة؟ هو أقل من أن يزن الصحابة، هو يوزن صراحةً، أما الصحابة فلا يستطيع أن يزنهم.

والعجيب: أنه كثير الاطلاع، وقد يستفاد من كتبه، مع ملاحظة ما فيه من نقص.

وأما باكثير: القصصي الشهير، فقد توفي قبل فترة رحمه الله، وهو من أحسن من نرتضي قصصه، تخصُّصُه طبيبٌ، ولكنه قصصي بارع، وللشيخ الأستاذ العشماوي رسالة أظنها خرجت أو سوف تخرج، ومن يطلع عليها تكفيه في هذا.

وأما الغزالي: فهما: اثنان، ورجلان، وكاتبان، ومؤلفان، الغزالي القديم، والغزالي الحديث، وعلى ذاك وهذا إشارة استفهام.

أما الغزالي القديم ذاك: فإشارة الاستفهام عليه في ثلاث قضايا:-

الأولى: أن الرجل فيه تصوف.

الثانية: ليس عنده من الحديث شيء، فبضاعته في الحديث مُزْجاة.

أوردَها سعدٌ وسعدٌ مشتملْ ما هكذا تُوْرَدُ يا سعدُ الإبلْ

كأنه يكيل تمراً، إذا أتى بالأحاديث فإنه يأتي بها مرة من صحيح البخاري، ومرة من كتاب الفردوس للديلمي، ويأتي بالموضوعات، والمشقلبات، والمقلوبات، ويقول: قال الرسول عليه الصلاة والسلام.

الثالثة: لا تؤخذ منه العقيدة: فهو أشْعَري، فيه اعتزال بفلسفة، أي: أنه (حَيْصَ بَيْصَ) (مُبَرْقِع) لم يصفُ، أما إجادته: فهو زاهد على كل حال، وهو ذكي، ويُستفاد منه في الفقه وأصوله.

أما الغزالي الحديث: فهو داعية، وفيه خير، وهو مفكر، وقد نفع الله به في جوانب الفكر، ولكن عليه ملاحظات، ولست أقولها تشفياً، ولا خيْبَةً، لكن نتكلم في الناس حتى نكون على بصيرة:

أولاً: الرجل مَزْجِيُّ البضاعة: لا يعرف في الحديث شيئاً صراحةً، وسوف يخرج كتاب قريب إن شاء الله عنوانه: الغزالي في مجلس الإنصاف في تسعين صفحة يتحدث عنه بنقولات، وبأدلة، وببراهين على كتاباته، ونقولاته.

ثانياً: الغزالي متذبذب في كتبه، يقول فكرة، ثم ينسخها في الكتاب الآخر، يعادي فكرة هنا، ويُقِرُّها هناك، ويُثْبِتُها هنا، ويَمْسَحُها هنالك، ويتحمس لها هنا، ويهاجمها هناك، فلا ندري أين يوجِّه.

يوماً يمانٍ إذا لاقَيْتُ ذا يمن وإن لقِيْتُ معَدِّياً فعَدْنانِ

ثالثاً: يفتي الغزالي بفتاوى ليست بصحيحة، فإنه يُحِلُّ الغناء، وليس عنده حديث ولا دليل، وعنده فتاوى أخرى ليست بصحيحة، نقول له: سامحك الله يا غزالي، عُدْ إلى الحق، واطلبه من مظانه، وأنت لو كنتَ في الحديث وفي كتب السلف جيداً، ما كنتَ أفتيتَ بما أفتيت.

ثم هو على كل حال حار حاد المزاج، ينال من شباب الصحوة غفر الله له، على كل حال لم أتكلم بهذا إلا لأني سُئِلْتُ.

وأما سيد قطب: (كل الصيد في جوف الفراء) سيد قطب: عَلَم، نسأل الله أن يجعله شهيداً، أوصيكم بقراءة كتابه: الظلال، يقول بعض العلماء: " كأن سيد قطب قد دخل الجنة، ثم أصبح يكتب لنا من الجنة رسائل، سلم نفسه وأخذ السلعة، باع نفسه من الله، ووقع على العقد، وأخذ يكتب لنا رسائل الظلال من الجنة، يكتب بدمه، ما أخذها لأحد، ولا كتبها -إن شاء الله- إلا لله عزَّ وجلَّ، لكن على كل حال لا يخلو البشر من الخطأ، ففي الظلال مواطن يُنَبَّه عليها، وكتابه لا يطلب منه العلم، ولا العقيدة، إنما يطلب منه معرفة الواقع، وربط القرآن بالواقع، فهو رجل عاش لله ومات لله إن شاء الله، فغفر الله ذنبه.

أما النبهاني: فهو صاحب الكتب الصوفية، احذر منه أن يلدغك! فهو حَيَّة رقطاء رقشاء.

وانتبه! فهذا النبهاني يهاجم ابن تيمية بلا سبب، لو دخل دورة المياه تجده يهاجم ابن تيمية، لو سألتَه: ما اسمك يا نبهاني؟ لقال: أعوذ بالله من ابن تيمية.

فـ ابن تيمية دائماً عدوه، ينشب معه ومع ابن القيم، حتى يقول -واسمع وقد كررتُها-: " كُتُبُ ابن تيمية لم يرزقها الله القبول، ولم تنشر في الأرض فيرد عليه الألوسي: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر:٣١] قيض الله لـ ابن تيمية من ينصره من أهل العراق وعلمائها، وليس من الجزيرة ولا من دمشق، قال: " عجباً لك يا نبهاني! أهي كتبك وكتب أشياخك التي رُزِقَت القبول، كتب ابن تيمية يا نبهاني! ذَهَبٌ إبْرِيْزٌ، وعسل مصفَّى، أما كتبك وكتب أشياخك فتصلح أن تكون مطارق للأحذية - أي: ردفه ثانية للحذاء - وكراتينَ للعلاجات، ومخال يوضع فيها الشعير للحمير" هذه كتبه، فلا يستفاد منها، لكن له كتب مجردة عن فكره، مثل: منتخب الصحيحين جيد، لا بأس أن يقرأ فيه، وله بعض الكتابات الحديثية، مثل: تعليقه أو زياداته على الجامع الصغير للسيوطي جيد، لأنه لم يتدخل من نفسه فيه، فهو جيد إذا جَمَعَ، ولكن إذا تدخل بقلمه فليُحْذَر؛ لأنه لا يعرف شيئاً.

وأما سعيد حوى: غفر الله له مات قبل سنوات، وكتاباته أكثرها جيدة، جند الله ثقافة وأخلاقاً، والرسول صلى الله عليه وسلم، والله جل جلاله، فهذه من أحسن ما كتب، ولكن نلومه؛ لأنه أتى بكلام من العقاد في المقارنة بين الرسول صلى الله عليه وسلم ونابليون، فأعاده في كتاب: الرسول صلى الله عليه وسلم وتربيتنا الروحية، ولنا معه وقفات فيها؛ لأنها لا توافق أصول أهل السنة، وهناك بعض الملاحظات، ولكن على كل حال انتبه لبعض الكتب، واستفد منه كثيراً، وترحم عليه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>