للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الشعر سلاح ذو حدين]

قالوا: هل في الشعر كفر؟ وما أمثلة ذلك؟ لأن بعض الناس يقول: لا تدخلوا الحلال والحرام في الأدب، اتركوا الناس ينشدون، ويلقون الأمسيات الشعرية، أحلال وحرام حتى في الشعر؟! اجلسوا أنتم في المساجد وفي المنبر يوم الجمعة، أما أن تدخلوا حتى الأمسيات والدواوين، ومع الشعراء فلا.

قلنا: إن الإسلام لابد أن يدخل إلى المنتدى، ويدخل إلى الميدان، ويحاسب الشعراء، ويتكلم مع الأدباء لأنه دين الله، قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:٥٠].

أنا أعرض عليكم بضاعة بعض الشعراء وأنتم تحكمون، أحد الشعراء دخل مع بعض الجيوش العربية فلسطين يوم الهزائم السوداء، يوم دخلت بعض الجيوش بغير لا إله إلا الله، دخل الشاعر هذا فكتب على أحد الأعلام:

آمنت بـ البعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ماله ثاني

هذا كفر أم لا؟ هذا كفر بإجماع العلماء والحمقى والمغفلين والحيوانات.

وقد أراهم الله أي بعث بعثهم، وأي عروبة عروبتهم، تركوا أحذيتهم وفروا من وجه موشي ديان، ولاحقتهم جولدا مائير حتى أدخلتهم جحورهم كالضباب: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:٤٥] ويقول شاعر آخر:

هبوا لي ديناً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم

ألا يا هلاً كفراً يؤلف بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم

هذا كفر أم إيمان؟ هذا أكفر الكفر، وأطغى الطغيان، وألحد الإلحاد، أفيقال: لا تتدخلوا في هذا الشأن؟! أيكفر بالله، وتمزق شريعة الله، وتمرغ لا إله إلا الله، ثم يقال: لا تتدخلوا في هذه الجوانب؟!

ومنها -وأستغفر الله! - ما قاله العكوك وهذا شاعر قديم، والضياع والكفر قديمان من عهد إبليس, قال لأحد السلاطين:

أنت الذي تنزل الأيام منزلها وتنقل الدهر من حال إلى حال

وما مددت يداً في اللوح كاتبة إلا قضيت بأعمار وآجال

ودخل زنديق على سلطان قال:

ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار

ودخل ضال غاوٍ آخر على سلطان مصر -وسلطان مصر كان من أظلم الناس- يقول أهل العلم: زلزلت مصر بسبب ظلمه، كان يأتي إلى المرأة وهي حامل، فيأخذ الخنجر، فيشق بطنها فإذا ابنها أمامها، نزل للسوق وأقسم للناس: إن لم تسجدوا لي لأذبحنكم جميعاً؛ فسجدوا له في السوق، ولما أصابت مصر زلزلة دخل عليه الشاعر يخفف عليه المصيبة قال:

ما زلزلت مصر من كيد ألم بها لكنها رقصت من عدلكم طربا

هل بعد هذا كفر؟ يقول: لا تظن مصر زلزلت، بل رقصت فرحاً من هذا العدل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>