للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أن تختار له الأصحاب]

ومن معالم تربيته: أن تختار له الأصحاب

الصاحب الذي تختار لابنك لابد أن يكون ولياً من أولياء الله {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:٦٢] أما أهل جمع الطوابع والمراسلة وصيد الحمام والدجاج ومطاردة الأرانب وأهل الصفير والنهيق والتفحيط فهذا لا يليق بك أبداً أن تترك ابنك معهم، فهم عصابات سوف يؤدون بابنك وينتقلون به من مرحلة جمع الطوابع والمراسلة وصيد الأرانب والدجاج إلى المخدرات والكأس والمرأة ثم إلى الفجور والإلحاد والعياذ بالله.

فحذار حذار من هذه المسألة!! فإنها خطيرة جد خطيرة، لابد أن تعرف مع من ذهب ابنك ومع من جلس ومع من أتى، من رافقك اليوم؟ من اتصل بك اليوم؟ من هو صاحبك؟ من هو جليسك؟

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي

{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:٦٧] اسمع إلى قول ابن المبارك إمام المسلمين يقول:

وإذا صاحبت فاصحب ماجداً ذا عفاف وحياء وكرم

قوله للشيء لا إن قلت لا وإذا قلت نعم قال نعم

يقاس المرء بالمرء إذا ما هو ماشاه

وللمرء على المرء دليل حين تلقاه

فأنت لا تسأل عن الإنسان واسأل عن قرينه ومع من يذهب ثم احكم عليه.

ذكر ابن قتيبة وغيره من العلماء أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه خرج إلى الصحراء فوجد ابنه عاصم ومولاه أسلم ينشدان، أحدهما أنشد قصيدة في الصحراء فأتى إليهم عمر وهم يرعون إبل الصدقة فقال عمر: من أنشد منكم؟ فخجلا.

قال: عزمت عليكم أن تنشدا.

فخجلا.

قال لابنه: انشد؛ فأنشد، ثم قال للآخر: انشد فأنشد.

قال: أنتما كحماري العبادي قيل له أي: حماريك أخس؟ قال: هذا ثم هذا، وهذه منقولة، والشاهد أنه قال العبادي والعبادي هو تاجر من التجار أحمق كان عنده حماران، قيل له: أي حماريك أخس؟ قال: هذا ثم هذا، أي: كلها في الخساسة سواء لكن بعضها درجات فوق بعض، والمقصود: أن الصاحب هذا أعدى من الجرباء، وأنه تلف لمن يصاحب، وإذا استمر الصاحب مع الصاحب سلخه ورده إما من هداية إلى ضلال وإما من ضلال إلى هداية، يقول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة لأصحابه:

اتخذني خليلاً أو تخذ لك صاحباً خليلاً فإني مبتغ صاحباً مثلي

يقول: أنا لا أريد من الأصحاب إلا صاحباً مثلي وعلى طريقتي، وقال الشافعي:

أحب الصالحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة

وأكره من تجارته المعاصي ولو كنا سواء في البضاعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>