للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أمرهم بالصلاة]

متى يؤمرون بالصلاة؟

في حديث صح عنه صلى الله عليه وسلم عند أحمد وأبي داود وغيرهم من العلماء أنه قال عليه الصلاة والسلام: {مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع} وهذه آداب ثلاثة:

أولها: في السن السابعة أن تبدأ تأمره بالصلاة لكن لا تضربه، وإذا تخلف عن المسجد لا تعاتبه، وإنما صل معي، فإن أتى فبها ونعمت وإن تخلف فلا تأخذ على يده؛ لأنه في السبع إلى العشر لكن تصطحبه إلى المسجد، أما حديث: {جنبوا صبيانكم مساجدكم} فهذا الحديث ضعيف، ضعفه أئمة مثل: المنذري والبيهقي وابن الجوزي والبوصيري والعسقلاني والإشبيلي والشوكاني والألباني والسخاوي، وقد رواه ابن ماجه والطبراني وغيرهم من أهل العلم كـ ابن عدي، ولكنه ضعيف السند لا تقوم به حجة، والذي يستدل بهذا الحديث ليس بمصيب، بل يؤتى بالصبي وقد أتى بهم عليه الصلاة والسلام، لكن إذا أتى منهم تشويش وضجة وصجة فيجنبون، أن يتحول المسجد إلى روضة أطفال فلا، المسجد يحترم ويقدر ويوقر من باب تعظيم شعائر الله عز وجل، فلا بأس أن يؤتى بهم بشرط أن تشترط عليهم السكوت والأدب والسمت الحسن والإنصات فليتنبه لهذا.

وأما في السن العاشرة فتضربه على ترك الصلاة ضرباً، العصا لمن عصى والعصا من الجنة، فإذا تخلف وهو في العاشرة وقال: إنه صغير.

قل: لا.

بل كبير بإذن الله، فاضرب رأسه بالعصا حتى يخرج الشيطان، وحتى يتوب أن يتخلف عن المسجد وتستصحبه أنت، ومن الأدب أن تلاحظه في المسجد هل صلى أم لا، وهل حضر معك الصلاة أم لا، وأن تتفقده في كل صلاة.

كان عمر رضي الله عنه وأرضاه يوقظ أبناءه لقيام الليل ويأخذ الدرة ويضرب الأبواب ويقول: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص:١٧] ما دام يا رب أنعمت علي بالاستقامة والعون والتأييد، فوالله، لا أكون عوناً للمجرم ولو كان ابني هذا هو معنى الآية، وقد قالها موسى عليه السلام.

{وفرقوا بينهم في المضاجع} معنى ذلك: إذا بلغوا العاشرة، وقال بعضهم: إن العطف هذا للأول أي: لأبناء السبع، وقال بعضهم: بل العشر، والعشر آكد ولكن الأحوط السبع، فإذا بلغوا السبع أو أكثر إلى العشر فلا يجوز أن ينام الأطفال الأبناء مع البنات في فراش واحد، ويجوز في غرفة واحدة وفي حجرة واحدة لكن بينهم مسافة.

هذا أدب محمد عليه الصلاة والسلام، هذه سنته، ومن لم يفعل ذلك يقع في أخطار لا يتصورها العقل، وفي مآثم وجرائم الله أعلم بها، فليتنبه المسلم لهذه الآداب التي أتى بها صلى الله عليه وسلم.

ومن الأدب: أن تلاحظهم عند النوم، فتذكرهم بالوضوء إن استطاعوا أن يتوضئوا إذا بلغوا العشر، وتذكرهم بأذكار النوم كالمعوذات وسورة الإخلاص وآية الكرسي؛ ليحفظهم الله ويعصمهم من شياطين الإنس والجن، فإن أكثر ما يصاب الصرع ودخول الجان في الأطفال بسبب أنهم لا يذكرون الله، طفل ينام على الأغنية ويستيقظ على الأغنية يدخله اثنا عشر جنياً، في الصباح جان وفي المساء جان؛ لأنه ما عرف الذكر، لا يطرد الشياطين ولا الجن إلا الذكر {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:٢٨] والعلماء يحذرون من إدمان الغناء أو إدخال آلات الغناء أو ما يشابهها من مجلات خليعة فإنها سبب لدخول الشيطان في البيت، والملائكة لا تدخل البيوت التي فيها هذه الأمور فعلى المسلم أن يتنبه لهذا ليكون على بصيرة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>