للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دعوة لإحياء القرآن]

عباد الله: فلا يصدنكم صادٍ عن كتاب الله، أحيوه في منازلكم وأسركم، وبيوتكم وفصولكم وسياراتكم، أحيوا هذا الكتاب؛ لتسعدوا، ولينصرنا الله، وليديم الله علينا الأمن والاستقرار والأمان، ولئلا يغضب الله علينا فيزلزلنا كما زلزل غيرنا، ويمحقنا كما محق غيرنا، فإن بأسه لا يرد عن القوم المجرمين.

ومن أكبر ما يعارض القرآن، الأغاني الخليعة الماجنة التي أغوت شبابنا فجعلتهم شباباً مائعين ضائعين، منسلخين تائهين، يكبر أحدهم فإذا بلغ الخامسة والعشرين من عمره، أخذ العود فطنطن به أربعاً وعشرين ساعة، فنسي مهمته ومستقبله، ونسي مصيره إلى الله، ونسي مكانته من العالم، ثم أتى أمثاله وأضرابه فسموه الشاب الصاعد، وهو نازلٌ، لأن الذي يصعد هو الذي يكرم نفسه بالسجود لله، والذي يصعد هو الذي يحمل في قلبه لا إله إلا الله، والذي يصعد هو الذي يتشرف بعبودية الله، والذي يصعد هو الذي ينقي نفسه من معصية الله:

ومما زادني شرفاً وفخراً وكُدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا

أما هؤلاء فهابطون نازلون منحدرون، كفقير اليهود لا دنيا ولا آخرة، تشرفوا بالغناء، وعشقوه فأعرضوا عن كتاب الله، والبيوت التي يدندن فيه الغناء لا يحل فيها القرآن؛ القرآن أشرف من أن يمتهن، وأعظم من أن يتبذل، وأجل من أن يسخر به ويستهزأ: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام:١٥٥] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:٤٢].

آياته كلما طال المدى جدد يزينهن جلال العتق والقدمِ

جاء النبيون بالآيات فانصرمت وجئتنا بحكيم غير منصرم

أتى على سفر التوراة فانهدمت فلم يفدها زمان السبق والقدم

ولم تقم منه للإنجيل قائمة كأنه الطيف زار الجفن في الحلم

فعودةً يا أمة الإسلام إلى الله! وعودةً يا أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي! يا أحفاد فاتحي الدنيا ومعلمي الإنسانية! يا أحفاد من رفعوا رأس الإنسان، وكان على الأوثان يطبل ويزمر، ومع الشياطين يعشعش ويعيش.

أقولُ ما تسمعون وأدعوكم للصلاة والسلام على رسول الله، فإن الله قال في محكم كتابه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من صلَّى عليَّ صلاةً واحدة، صلى الله عليه بها عشراً}.

اللهم صلِّ على نبيك وحبيبك محمد، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين، وارض اللهم عن أصحابه الأطهار من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم اجمع كلمة المسلمين، اللهم وحد صفوفهم، اللهم خذ بأيديهم لما تحبه وترضاه، اللهم قُدهم إليك، ووجه شبابهم، وكفر عنهم السيئات واهدهم شبابهم لما تحبه وترضاه، وردهم إليك رداً جميلاً، عرفهم بالقرآن وحببهم إليه، واجعلهم من حملته وأبعدهم عن كل ما يغضبك من دسائس الشيطان، إنك على كل شيءٍ قدير.

اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا، وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا.

اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنةٍ مضلة، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم انصر كل من جاهد لإعلاء لا إله إلا الله، اللهم ثبت أقدام كل من رفع لا إله إلا الله، اللهم انصر من نصر لا إله إلا الله، اللهم انصر المجاهدين المسلمين في أفغانستان، وفي فلسطين وفي كل بلادٍ من بلادك يا رب العالمين.

اللهم وفق إمام المسلمين لما تحبه وما ترضاه، اللهم ألهمه رشده، وخذ بيده إلى كل خير، وارزقه بطانةً صالحة تدله على الخير، وتهديه إلى الصواب، إنك على كل شيءٍ قدير، ربنا إننا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>