للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كونوا من أبناء الآخرة]

الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلَّّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

إن السلام وإن أهداه مرسله وزاده رونقاً منه وتحسينا

لم يبلغ العشر من قولٍ يبلغه أذن الأحبة أفواه المحبينا

وفي النماص تحياتي مرتلة غرست فيها بأشواقي رياحينا

آخيتمونا على حب الإله وما كان الحطام شريكاً في تآخينا

سلاماً خاصاً وعاماً، فخاصاً لأرواحكم المؤمنة، ولأصالتكم ولطموحاتكم، فأنتم أبناء عمومة الأوس والخزرج.

ومن يشابه أبَه فما ظلم

حمية ونصرة لـ (لا إله إلا الله) أنا وأنتم أزديون، فخرنا ليس بالتراب والطين، وإنما بنصرة محمد والدين.

أنا من الأزد، أنصار الرسول ولي شفاعة الحب إني من محبيه

دمي ودمعي مدادٌ في مدائحه وفيض قلبي عصفوراً يناجيه

أشكر أصحاب الفضيلة العلماء والقضاة والمشايخ، والشباب، وأشكر القلوب الحية، والعيون المبصرة، والآذان السامعة، التي أتت هنا لتجتمع ولتسمع لا إله إلا الله، يوم اجتمع أهل الباطل لسماع الباطل، ولسماع النغمات المزرية والكلمات الفاحشة، أتوا ليستمعوا كلمات من نور، قال تعالى: {نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور:٣٥].

قال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى} [الأنعام٩٤] فالقائل: الله، والمتكلم بها: الله، ومنزلها: الله، فقال الله: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:٩٤] يقول البخاري في كتاب الرقاق من الصحيح: باب ما يحذر من زينة الحياة الدنيا، وقال الله عز وجل: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌٌ} [الحديد:٢٠] قال علي بن أبي طالب: [[ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل]].

<<  <  ج:
ص:  >  >>