للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[خطورة من يأمر بالمعروف ولا يأتيه]

السؤال

إني شابٌ آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه، فهل أترك الأمر والنهي خشية النفاق، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب

نسأل الله أن يصلح حالنا وحالك، وإني أدعو نفسي وإياك وكل سامع إلى أن نجعل هذه الآية نصب أعيننا: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:٤٤] وتصدر هذه الفعلة من طالب العلم أو من الداعية إذا كان واجهة للناس أو قدوة، ثم يأتي بهذا العمل، يقول عز من قائل في سورة الأعراف: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف:١٧٥ - ١٧٦] فالمطلوب أن نحاسب أنفسنا جميعاً ولا نقول إلا ما نفعله، هذا في الفرائض، أما النوافل فأمرها فيه سعة، فهي أوسع من أمر الفرائض، ولذلك سأل سائل الإمام أحمد: هل لا أدعو إلى شيء حتى أكمل في العبادة والنسك؟ قال: لو توقف كلٌ منا إلى أن يكمل ما دعا إلى الخير أحد.

لكن علينا أن نسدد ونقارب، فلا نخل بالفرائض ولا نرتكب الكبائر، أما في الأمور المستحبة؛ فإنك تدعو إليها ولو لم تعملها ليكتب الله لك الأجر وتحاول أن تفعل، وليحذر كلٌ منا أن يكون من الذين يدعون إلى الخير ولا يأتونه ويدعون إلى الشر وهم يأتونه، ففي صحيح مسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه وأرضاه قال: {ذكر صلى الله عليه وسلم أن رجلاً يلقى في النار فتندلق اقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في رحاه، فيجتمع عليه أهل النار، فيقولون: يا فلان! ألست أنت الذي كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟! قال: بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه} فنعوذ بالله من هذه المنزلة، فعلى الإنسان أن يحاسب نفسه ويسدد ويقارب؛ ويعمل ليعلم أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً له سبحانه وتعالى وصواباً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>