للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أسباب تقصير أهل السنة في دعوتهم]

العشماوي: أحسنت تفصيلك في هذا الموضوع.

السؤال

شيخ عائض! هنالك ظاهرة يمكن أن نسميها ظاهرة مرضية، فالمتتبع لما يجري في العالم اليوم يجد نشاطاً ملموساً ومنظماً، وله ثماره عند كثير من طوائف المبتدعة في العالم الإسلامي في دعوتها إلى منهجها، فهي دءوبة في نشر تعاليمها ومنهجها، ولها تأثيرها في العالم وكلنا ندركه ونعرفه.

والظاهرة التي تؤلمنا هي تقصير أهل السنة , أصحاب المذهب والمنهج الصحيح، حيث لا يصلون بجهدهم إلى جهد أولئك ولا إلى نشاطهم فيا ترى ما السبب في ذلك إذا كان لديكم أسباب تعرفونها في هذا الموضوع؟ ثم ما العلاج لهذه الظاهرة؟

الجواب

أنا أذكر كلمة لـ عمر رضي الله عنه وهو يقول: [[اللهم إني أعوذ بك من عجز الثقة وجلد الفاجر]] أن يكون الثقة صاحب الحق عاجزاً كسولاً خمولاً، وأن يكون الفاجر صلداً صبوراً جلداً، فهذه معضلة في حد ذاتها، فإنك تجد بعض طوائف المبتدعة المنحرفين عن منهج الله عز وجل من أكثر الناس صبراً وجلداً في التأثير على الناس، وفي تصدير أفكارهم، ونشر مبادئهم يسهرون ويدأبون ويخططون وينتجون ويقولون ويخطبون، وهذا موجود في بعض البلدان في الخارج، وقد كنا في بعض المراكز الإسلامية في الخارج وإذا بعضهم يخطب ويتكلم كأنه سيل، وإذا هو مبتدع، والناس يلتفون حوله من عامة الناس، وما يلبث في فترة من الفترات إلا أن يخلب عقولهم بسيل وعظه، ويتجهون معه فإذا هو مبتدع.

وآخرون يبنون المراكز ويسمونها مراكز إسلامية، وهم حقيقة من المبتدعة، والمال يسح في أيديهم سحاً، وعندهم الجهد والطاقة والإنتاج، ثم إذا نظرت إلى أهل السنة وجدتهم:

١ - في حصار، وفي قلة، فمواردهم المالية ضيقة، وهذه -كما قلت- نشكو إلى الله منها، ومن عدم فقههم في هذه المسألة, فبعض دعاتهم لا يدعون حسبةً، إنما يدعون لأمور أو لأشياء أو لتكليف أو لرسميات أو لانتداب، وإذا ذهب شكا من ألم السير، وكأنه يفعل ذلك لنفسه، ولم يعلم أنه يفعل ذلك لربه تبارك وتعالى.

٢ - عدم الاتفاق؛ فإن أهل السنة يكثر فيهم الخلاف، ويكثر فيهم النقد للآخرين واشتغال بعضهم ببعض، ولا يعرفون أنهم يصفون أمام عدو متربص.

٣ - يوجد عند بعضهم فقه مظلم، يسميه ابن تيمية: الورع البارد السامج فتجده يترك الساحة والتأثير بحجة الانزواء والخمول والعزلة، وأن هذا عصر الفتن، والأفضل للمسلم أن يأخذ غنمه في شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن، فيقبل على صلاة الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولا يعلم أن هداية رجل واحد خير له من عبادة سبعين سنة نافلة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: {لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم}.

فنحن بحاجة إلى أن نقف وقفة تأمل أمام فقهنا في هذه المرحلة فقه الانزواء والخمول وعدم التأثير والكسل، والبلادة وعدم الاختراع في الطرق واكتشاف كثير من المسارات التي يجب أن نسلكها حتى نوصل دين الله إلى الناس أجمعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>