للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[لا يمكن الوفاق مع من لم يدن بدين الحق]

القضية الخامسة: الذين يدعون للوفاق معنا وهم لا يدينون دين الحق، على أي مائدة نتفق؟! وكيف نلتقي معهم؟ أتحت أطروحات الماركسية والعلمانية والنصرانية المحرفة واليهودية المرتكسة، ونجلس معهم على وفاق؟! ثم يصفوننا إذا لم نوافقهم بالتزمت والتطرف والأصولية والتشدد؟! سبحان الله! أهذا هو الإنصاف؟! أمعنى أن نوافقهم أن نتنازل عن الحق الذي منحنا الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى إياه: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الزخرف:٤٣].

بل والله ثم والله! لقد زاد تمسكنا بحقنا يوم رأينا النظريات المفلسة وهي تنهار وتحترق، ورأينا صرح أهل الباطل وهو يهوي تحت الأرجل: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام:١١٠].

إن من الحقوق التي يدعو إليها العلماء والمصلحون أن يسمع صوتهم، وأن يفتح المجال لهم حتى يسمعوا الناس صوتهم، أضرب مثالاً بسيطاً: قبل ثلاثة أسابيع كتب كاتب في جريدة الندوة يسمى الدمنهوري دهوره الله في النار، يطالب هذا بتأديب طائفة من العلماء والدعاة والمصلحين، يقول: إنهم تعدوا الخط الأحمر، ما هو الخط الأحمر؟ ومن الذي رسمه؟ ومن ترك المجال لمثل هذا وأمثاله يعترض على أمة لا تقوم إلا بعلمائها ودعاتها ومصلحيها؟!

وأنا أريد أن أرد عليه، أو غيري من طلبة العلم، فأين نرد؟! وكيف؟! وبأي لسان؟! وبأي قلم؟! وفي أي مجال؟! فهذا من الحيف، وعدم الإنصاف أن يترك المجال لمثل هؤلاء ينقمون على الشريعة وعلى حملتها، ولا يترك المجال للرد على هؤلاء.

إن الحوار الذي تعيشه الأمم عندهم معناه: سماع الرأي والرأي الآخر، أو معناه: أن يفتح الرأي -بغض النظر عما يحمل من دين- سواء كان خيراً أو شراً, وأما في بعض البلاد فإنه يفتح المجال للشر فحسب.

أيضاً أيها الإخوة! صاحب الرأي الصحيح لا يسمى مخالفاً، بل هو الذي على الحق، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {إنما جعل الإمام ليؤتم به, فلا تختلفوا عليه} فإن الإمام هنا لا يسمى مخالفاً لمن خالفه، بل الذي خالفه هو المخالف, أما الإمام فهو على الحق، فالعلماء أو الدعاة -ونحن من طلبة العلماء لا من العلماء وأتكلم عن نفسي- لسنا مخالفين لهؤلاء، بل هم الذين خالفونا لأننا على بصيرة من ربنا: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:١٠٨].

<<  <  ج:
ص:  >  >>