للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ضرورة توحيد الصفوف أمام العدو المشترك]

المسألة الثانية عشرة: لماذا لا تبرز ردود أهل الحق في وحدة ائتلافية حتى نصمد أمام عدونا المشترك؟ ثم لماذا لا نأخذ قدم صدق ننصر بها دين الله عز وجل؟ وأنا أدعوكم إلى هذه القضية المهمة؛ لأن الحقوق تؤخذ ولا تعطى، وقد قال بعض الفضلاء في مثل كتاب المسار، وهو الصحيح: الآن أنت إذا تركت الباطل يمرغ الحق، ثم وقفت وتقول: ما أتيحت لي الفرصة، ومن يتيح لك الفرصة؟ أليس ربك، ثم جهدك وحرصك، وغيرتك.

فأنا أطالب بالمراغمة, أن تحضر أنت في الأندية، خاصة إذا كنت من أهل الفن -أعط السهم راميها- فتأخذ وتعطي مع هؤلاء، وإني أشكر أصحاب الفضيلة الذين راغموا كثيراً من دعاة الباطل، في بعض المواقف المشهورة المحمودة من أصحاب الفضيلة مثل: الدكتور سعيد بن زعير، وفضيلة الدكتور أحمد التويجري، والدكتور سعود الفنيسان، والشيخ عبد الوهاب الطريري، والدكتور ناصر رشيد، والدكتور الهويمل، وغيرهم كثير وكثير، أشكرهم على ما فعلوا؟

وهذا هو الجهاد، وأيهما أفضل؟ رجل يتنفل نافلة ويصلي في زاوية في المسجد, ورجل وقف هناك يراغم الأعداء ويقف ضدهم ويذب عن الشريعة، ويدافع عن محمد صلى الله عليه وسلم؟

إن هذا أعظم أجراً عند الله، وعسى الله أن ينفعهم بهذه المواقف المشهودة، فإنها مواقف أهل الإيمان الذين دافعوا الباطل, فلماذا أنت لا تدافع؟: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} [المؤمنون:٩٦] {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة:٢٥١] {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان:٣١].

وفي الحديث الصحيح: {أخرج الرسول صلى الله عليه وسلم سيفاً، فقال: من يأخذ هذا السيف؟ فامتدت أيادي الصحابة كلهم يريد أن يأخذ السيف، فقال صلى الله عليه وسلم: بحقه، فخمدت الأيدي ونزلت الأصابع، وبقيت يد أبي دجانة مرفوعة، قال: ما حقه يا رسول الله؟ قال: حقه أن تضرب به الكفار حتى ينحني، فأخرج عصابته الحمراء وعصب بها رأسه, وكانت تسمى عصابة الموت، وأخذ يقول:

أنا الذي عاهدني خليلي ونحن بالسفح لدى النخيل

ألا أقوم الدهر في الكيول أضرب بسيف الله والرسول

ثم مضى متبختراً لمراغمة أهل الباطل، فقال صلى الله عليه وسلم: إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن}.

فلك أن تحضر، وتكثر سواد المؤمنين وتدخل في هذه الأندية بكتيبة إيمانية معك من شباب الدعوة، أهل الصلوات الخمس وهم في محفل وفي جمع كبير يكبرون ويهللون، فهذا هو نصر الإسلام، أحسن من أن تبقى ترد في بيتك على دعاة الإسلام وعلمائه، في نقاط اختلف فيها السلف، وكثر فيها الخلاف، وسوف يبقى الخلاف حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولا يضرنا أن يختلف فيها أهل العلم.

وبعض المسائل قد ذكر فيها الحافظ ابن حجر وغيره ثلاثة وأربعين قولاً، وما ضر ذلك أهل الأمة الإسلامية، ساعة الاستجابة في الجمعة في أي ساعة؟ قالوا: ثلاثة وأربعين قولاً.

جلود الميتة هل تستخدم أم لا؟ ثمانية أقوال، وهل توقف العالم الإسلامي ومسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم على جلود الميتة وساعة الاستجابة في الجمعة؟! قل القول الذي أدى إليه اجتهادك، لكنك لا تتتبع الصالحين في أقوالهم وفيما غلطوا فيه مما يسعهم الخلاف فيه.

أيضاً: لا يجوز أن نفرح بأخطاء المسلمين، فإن بعض الناس يتشفى بذلك، يريد أن يتعثر صاحبه ويخطيء، حتى إني سمعت: أن بعضهم خصص بعض طلبة العلم لجرد كثير من الأشرطة؛ ليسمع الأخطاء فيها ويسجلها في دفتر.

سبحان الله!! لماذا لا يشغل نفسه بما فيه صلاح له في الدنيا والآخرة؟ ولماذا لا يوفر على نفسه الجهد، ويرد على أعداء الله عز وجل، وإذا قلت له: اتجه نحو اليهود والنصارى والعلمنة، قال: أولئك أخطر من اليهود والنصارى والعلمنة: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} [الأنعام:٤٦].

أيضاً: الواجب أن نسعى إلى وحدة الأمة، فإن هذه الأمة الإسلامية متحدة في الأصل، وكان مجتمعه صلى الله عليه وسلم هو المجتمع الأصل، وكذلك مجتمع بني أمية فيه مجتمع السنة على الأصل، ومجتمع بني العباس فيه المجتمع المثالي على الأصل، وكان الشذاذ هم الجهمية، والمعطلة، والخوارج، والقدرية، وهذه الطوائف المبتدعة, ولذلك لا يسمون الجماعة، وليسوا من أهل الجماعة، بل قال ابن مسعود: [[الجماعة من كان على الحق ولو كنت وحدك]].

وقيل لأحد الفضلاء: من هم الجماعة؟ قال: محمد بن أسلم المروزي جماعة، وبعضهم قيل له: من الجماعة؟ قال: الفضيل بن عياض هو الجماعة، فالجماعة ليست بكثرة السواد الأعظم, فإن الله تعالى يقول: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:١١٦] فالواجب علينا: أن نسعى إلى وحدة الشمل، ووحدة الكلمة، وإذا رددت على الباطل، أو بينت المنكر، أو رددت على أعداء الله عز وجل فإنك لست بذلك مثيراً للفتن، ولا شاقاً للصف، بل أنت تسعى لوحدة المسلمين الذي دعا إليها سُبحَانَهُ وَتَعَالَى, كما قال موصياً أولياءه: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:١٠٥] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:٤٦].

<<  <  ج:
ص:  >  >>