للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معنى قوله: (فأحياكم)]

يقول الله: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة:٢٨] أي: أحياكم بالنفخ في الروح, ثم كساكم الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} [البقرة:٢٨] هذه هي الميتة الأولى وهي الموتة التي يموتها كل الناس, {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [البقرة:٢٨] يوم البعث {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:٢٨] أي: قال سبحانه: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} [غافر:١١].

ولدتك أمك يابن آدم باكياً والناس حولك يضحكون سرورا

فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً

قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام:١٢٢] الكافر يموت مرتين، والمؤمن يولد مرتين, فالمؤمن يولد أول مرة يوم ولدته أمه, والمرة الثانية: يوم ولد مع القرآن، ويوم عاش مع الإيمان، ويوم سجد للواحد الديان.

والكافر يموت مرتين: يوم مات في الحياة الدنيا حين مات ويوم مات عن النور والهداية قلبه، فالكافر قطعة لحم ميتة، ولعنه الله وغضب عليه, والموت الثاني: يوم يلقى ناراً تلظى لا يصلاها إلا الأشقى, قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:٢٨] وهذه الآية فيها إثبات ميتتين:

الأولى وهي عندما أتى من العدم.

والثانية: إثبات ميتتين وإثبات الإحياء بعد الموت, وإثبات اليوم الآخر والرجوع إلى الله, وإثبات الحساب, وسوف يرى كل إنسان ما قدم.

سوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار

وقال العظيم: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:٩٤].

وطلب بعض الإخوة أن أذكر المسلمين لصيام الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر.

وأقول: صدق أثابه الله, وله الأجر الكثير عند الله, فإن الرسول عليه الصلاة والسلام كما صح عن أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما قال: {أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن حتى أموت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر, وأن أوتر قبل أن أنام, وركعتي الضحى} قال بعض أهل العلم: أيام البيض لم يتركها صلى الله عليه وسلم حضراً ولا سفراً، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وهي تعادل صيام الدهر.

في الختام أسأل الله لي ولكم الهداية والتوفيق.

<<  <  ج:
ص:  >  >>