للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تبسمه صلى الله عليه وسلم من مجاهرة امرأة عبد الرحمن بشكواها]

قال: عن عائشة رضي الله عنها أن رفاعة القرظي طلق امرأته، فبت طلاقها.

والطلاق البت هو: أن يبتها ثلاثاً على السنة؛ لأن طلاق البدعة هو أن يطلق في الحيض، أو أن يطلق ثلاثاً دفعة واحدة، وطلاق السنة أن يطلق في الطهر طلاقاً واحداً، ثم يتركها، وهكذا ثلاث مرات، فبت طلاقها، فتزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: {يا رسول الله! إني كنت عند رفاعة فطلقني ثلاثة تطليقات فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنه والله ما معه يا رسول الله إلا مثل هذه الهدبة -لهدبة أخذتها من جلبابها- وهذا كناية عن أمر، أي: أنه لا يستطيع الجماع، وهي تشكو من هذا.

قال: وأبو بكر جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وخالد بن سعيد بن العاص جالس بباب الحجرة ليؤذن له، فطفق خالد ينادي أبا بكر: يا أبا بكر! ألا تزجر هذه عما تجهر به عند الرسول صلى الله عليه وسلم؟ -تشكو زوجها الأخير، وتقول: ليس كالأول في الجماع، تريد أن تعود للأول، قال: وما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم عليه الصلاة والسلام هذا دليل البخاري على أنه صلى الله عليه وسلم يتبسم من هذا الأمر، ثم قال- لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا.

حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك}.

هذا دليلٌ على أن المطلقة البائنة بالطلاق السني الشرعي لا تحل لزوجها الأول حتى تتزوج زوجاً غيره، زواجاً شرعياً لا حيلة فيه، لا يكون تيساً مستعاراً، وفي سنن أبي داود {أن الرسول عليه الصلاة والسلام لعن المحلل والمحلل له} والمحلل هو: الذي يتزوج المرأة المطلقة ليحللها للزوج الأول وهو التيس المستعار, والمحلِّل له هو الذي يرضى بهذا.

قال ابن القيم: لا يعود علي رضي الله عنه وأرضاه إلى الدنيا بعد أن طلقها ثلاثاً وهو راوي حديث: {لعن الله المحلل والمحلل له} انظر إلى هذا الفقه، علي قبل قليل يقول: [[يا دنيا يا دنيئة طلقتك ثلاثاً لا رجعة بعدها]] وهو الذي روى في سنن أبي داود: {لعن الرسول صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له} فيقول ابن القيم: كيف يعود علي رضي الله عنه لحب الدنيا وهي لم تحلل له بعد الطلاق وهو راوي هذا الحديث.

يقول ابن القيم: أهل السنة والجماعة ليس لهم جماعة إلا أنهم أهل السنة، أي: عندهم الكتاب والسنة، ويتجهون إلى الخمس الصلوات، ليس عندهم جماعة داخل جماعة أهل السنة والجماعة، قال: يسئلون: ماذا تريدون؟ قالوا: نريد وجهه، قال: وما هو مرجعكم؟

يقولون: دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وترعى الشجر حتى يلقاها ربها، قال: وما هو كتابكم؟ قالوا: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:٤٢] قال: من توالون؟ قالوا: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة:٥٥].

أنحتاج إلى أسس وإلى مبادئ غير هذه المبادئ التي أنزلها الله عز وجل؟ هذا القول لا أدعيه على ابن القيم، فليراجع كتاب حلية طالب العلم للشيخ الدكتور بكر أبو زيد، وهذا الكلام في الصفحة (٦١) من كتابه القيم هذا، وقد ورد قريباً انتهى المقصود من هذا الحديث.

<<  <  ج:
ص:  >  >>