للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عرض تاريخه عليه الصلاة والسلام عرضاً صادقاً عادلاً

فإن الناس في عرضهم لسيرته عليه الصلاة والسلام ثلاثة أصناف:

منهم من أخذ نتفاً فقط، وهذا مثل ما يدرس في المناهج التعليمية، نتف لا تسمن ولا تغني، ولا تشبع ولا تبل العليل، ولا ترد الصبابة، ويخرج الطالب غير متصور لسيرته عليه الصلاة والسلام، إنما يتصور أموراً عامة سبق الإشارة إليها في بعض المحاضرات، خطوط عامة وعموميات، ولد كذا، وهاجر كذا، والكاتب مستأجر ليس عنده حرارة الشعور بالحب، ولا في قلبه جريان وغليان تجاه محمد عليه الصلاة والسلام.

وإني لأشكر كاتباً كتب يقول: جلست مع مستشرق فقال: أنت مسلم، وأريد أن تكتب كتاباً عن محمد صلى الله عليه وسلم وتتجرد من عاطفتك؛ لأنك متهم بحبه.

قال: إذا أردت أن تجردني من عاطفتي نحوه فمعنى ذلك أنك تجردني من حياتي.

لأن حبه صلى الله عليه وسلم مركوز في الفطر، وواجب شرعي، فهو ليس ميلاً لزعيم أو قائد أو سياسي بإمكانك أن تكون له محايداً.

أما معه صلى الله عليه وسلم فالحياد عند سيرته حرام.

أطل سهر العيون فكل نوم لغيرك أيها المولى حرام

وأسمعني حديث الوصل سبعاً رضيت لك السرى والناس ناموا

حرام أن تكون محايداً في سيرته وتقول لي: لا تحمل له عاطفة، كيف تحثني أن أكتب وأنا بعيد كأني أجنبي؟!

نسينا في ودادك كل غالٍ فأنت اليوم أغلى ما لدينا

نلام على محبتكم ويكفي لنا شرف أنا نلام وما علينا

ولما نلقكم لكن شوقاً يذكرنا فكيف إذا التقينا

تسلَّى الناس بالدنيا وإنا لعمر الله بعدك ما سلينا

<<  <  ج:
ص:  >  >>