للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أسباب خشية الله]

السؤال

فضيلة الشيخ! إنني من الذين قست قلوبهم وأصبحت أقسى من الحجارة، وإنني أدخل المقبرة ليلاً ونهاراً فلم يزدني ذلك خشوعاً بل زادني قسوة، وإنني أرى الميت يدفن في اللحد، ولكن قلبي لا يلين، فما هي طرق رقة القلب وفقك الله؟

الجواب

قسوة القلب كلنا ذاك الرجل الذي يشكو منها، ونسأل الله أن يلين قلوبنا لذكره سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وطاعته، قال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:١٦] يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بعدها: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الحديد:١٧] فنسأله كما أحيا الأرض بعد موتها بغيث المطر، أن يحيي قلوبنا بعد موتها وقسوتها بالذكر.

أما قسوة القلوب فذكروا لها أسباباً، ومن ضمن من تفنن في ذلك وبرع ابن القيم، فقد ذكر من أسباب قسوة القلب: البدعة؛ نعوذ بالله من البدعة، وهي أعظم صاد عن منهج الله بعد الكفر، ثم المعصية، فإنها ترين على القلب وتطبع عليه، ثم الإسراف في المباحات؛ من كثرة الأكل والشرب والنوم، وكثرة الكلام بغير ذكر الله، وكثرة خلطة من لا ينفع ولا تقربك خلطته من الله، هذه من أسباب قسوة القلب.

أما الأسباب المؤدية -بإذن الله- إلى رقة القلب، فتكمن في مدارسة كتاب الله عز وجل، والجلوس معه، والخشية، والخشوع، والترنم بالصوت، وتكرار الآيات، والتدبر لما فيها من عبر وعظات، ثم زيارة القبور، فقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي: {زوروا القبور فإنها تذكر بالآخرة} وقال عليه الصلاة والسلام: {اذكروا هادم اللذات} زاد بعض أهل العلم في رواية: {فما ذكر في قليل إلا كثره ولا في كثير إلا قلله}.

ومن أسباب رقة القلب: قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقراءة سيرة الأخيار من الصحابة والتابعين وكل صالح إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ومن أسباب رقة القلب: ذكر الله عز وجل، قال تعالى: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:٢٨] فكثرة الذكر والاستغفار والتهليل والتكبير من أسباب الرقة.

ومنها: مجالسة الصالحين، ثم التنفل إلى الله عز وجل، ومن وفقه الله سبحانه وتعالى أراه الخير وسدده وأخذ بيده، فنسأل الله لنا ولكم السداد والثبات.

<<  <  ج:
ص:  >  >>