للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أهمية التواضع لطالب العلم]

وقال البخاري: باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم، فيكل العلم إلى الله عزوجل.

بعض الناس الآن يقول: أنا أعلم الناس.

وكان ابن الجوزي رحمه الله قد عوتب على هذا البيت، قال:

لو كان هذا العلم شخصاً ناطقاً فسألته هل زار مثلي قال: لا

يقول رحمه الله: لو كان هذا العلم إنسان ناطق وسألته: هل رأى مثلي في الحياة؟ قال: لا.

وهذا اكتساح يسمى اكتساح العبقرية، إذا وجد عند الإنسان شيء من الغرور، وصل به إلى هذا الحد.

يقولون: الحجاج بن أرطأة، كان يجلس في طرف المجلس، فقالوا: اجلس في الصدر؟ قال: أينما جلست فأنا في الصدر.

وذكر ابن الجوزي عن أحد المتكبرين أنه أتى إلى نهر دجلة فأراد أن يمر من فوق الجسر، فتوقف قليلاً ومعه أصحابه، فقالوا: لماذا؟ قال: أخشى أن ينكسر الجسر لا يحمل عظمتي.

ولما خُلع أحد السلاطين في الشمال فرش له الناس أرديتهم فأخذ يضحك ويقول: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات:٦١] وهذا هو الكبر والعياذ بالله!

يعني يبلغ بالإنسان حتى يقول: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:٢٤] وهذا منتهى الغرور والعجب بالنفس

ولهذا قيل: أنين النادمين أحب من إدلال العابدين.

فهذا موسى عليه السلام معصوم، فهو لا يتكبر، عصمه الله من ذلك، ولما قام يتكلم في بني إسرائيل بالعلم والحكمة، فقال بنو إسرائيل: هل تعلم أعلم منك؟ والصحيح أنه لا يعلم أعلم منه، لا يعلم أعلم منه إلا الله عز وجل، قال: لا أعلم أعلم مني.

فعاتبه الله لأنه لم يرد العلم إليه -لو قال: الله أعلم كان أحسن- فأوحى الله إليه، بلى عبدنا الخضر بمجمع البحرين أعلم منك فذهب إليه وهي قصة طويلة، وبوب لها البخاري في باب آخر، باب: ركوب البحر في طلب العلم:

جزى الله المسير إليك خيراً ولو ترك المطايا كالمزاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>