للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المذاكرة والتكرار]

فلا بد أن تكرر ما تقرؤه كثيراً، وبعض الطلبة الآن يشكون أنهم لا يستطيعون حفظ القرآن، لكن إذا سألته وجدته لا يكرر المقطع كثيراً، فمثلاً المقطع الذي يكرر أربع مرات أو خمس أو عشر مرات فيحفظ كرره أنت أكثر من خمسين مرة.

وأنا أطلب منكم -أيها الإخوة- أن تبدءوا من هذه الليلة بحفظ القرآن، ولا تحفظوا في اليوم إلا آية، وأرجوكم لا تزيدوا على آية، ولا تحفظوا في اليوم إلا آية واحدة، مهما كانت، وسوف تجدون أنفسكم بعد سنوات تحفظون كتاب الله كله، فهل منكم أحد يعجز أن يكرِّر في يوم من الأيام {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:٢٨١] فجرب أيها الأخ ولا تحفظ إلا هي، واجعلها في ذهنك، ثم اذهب إلى وظيفتك وفي سيارتك وفي السوق وفي كل مكان وكررها حتى الفجر الثاني، ثم في اليوم الثاني خذ آية أخرى، وجربوا وسترون النتيجة.

وقد طالب بعض الأساتذة في بعض الجامعات الطلاب -من جامعاتنا- بهذا، فقالوا: كيف تطالبنا بآية واحدة، متى ننتهي؟ قال: وعدنا بعد سنوات فوجدنا طالباً واحداً أخذ بوصية الأستاذ من بين ستين طالباً فحفظ القرآن كله، بينما التسعة والخمسون ضحكوا من كلام الأستاذ، وهذا يدلك على أن الإنسان يتقالل القليل، والمثل الصيني يقول: الخط الذي طوله ألف ميل يبدأ بخطوة، وأنت لو طالبت الطالب الآن وقلت له: ابدأ احفظ القرآن، لقال: إن شاء الله، عندنا امتحانات الآن، فإذا انتهى قال: في عطلة الربيع، فإذا جاءت العطلة قال: نذهب إلى مكة، وبعد مكة بدأت الدراسة، ثم العطلة الصيفية وفي العطلة الصيفية نزهة وهكذا، ثم لا يحفظ القرآن أبداً.

إن من زرع نبتة: ليت.

أثمرت له شجرة تسمى: (لعل) ولها أغصان اسمها: (عسى) وفيها ثمر اسمه: (متى) وذوقها اسمه: الخيبة والندامة والعياذ بالله! {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر:٣].

<<  <  ج:
ص:  >  >>