للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[علاج الهموم والأحزان]

السؤال

انتشرت في هذه الأزمان الأمراض النفسية، وهي تعالج بعلاج مستورد من دول الغرب الفاقدة للعقيدة والإيمان، وفاقد الشيء لا يعطيه، فضيلة الشيخ: الهم والحزن وضيق الصدر هل يمكن معالجته؟ أو ثمة علاج ممكن أن توجه إليه؟

الجواب

نعم؛ إذا تيقن كل مسلم -يعيش لهذا الدين، ويستظل بمظلة هذا الدين- أنه لا شفاء ولا نور ولا هداية ولا علاج للمسلم ظاهراً وباطناً إلا في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن يدعي هذه الأمور، أو يظهر الاحتياج إليها فكأنه يقول بلسان حاله: إن في ديننا نقص، إن في كتابنا نقص، إن في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ثلم، وقد أخطأ سواء السبيل، وغلط غلطاً بيناً، بل الشفاء والعلاج في كتاب ربنا وفي سنة نبينا صلى الله عليه وسلم.

فأما هذا الموضوع بحد ذاته وبعينه وهو موضوع الهم والحزن والغم فقد عالجه القرآن أيما علاج، وذكر الله عز وجل أنه نجَّا موسى من الغم لما دعاه، وأنه نجَّا يونس من الغمِّ والكرب لما ناجاه بقوله: {لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:٨٧] ونجا الله كثيراً من المكروبين لما دعوه، والتجئوا إليه، فهو كهف الملتجئين، وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {دعاء الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم}.

وعند أبي داود عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من قال: لا إله إلا الله سبحانك إني كنت من الظالمين -وفي لفظة له: دعوة أخي ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين- ما قالها مهموم إلا فرج الله همه} أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

وفي سنن أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم قال: {من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب} فعلاجنا وعلاج همومنا وغمومنا وأحزاننا وما نجده من كرب ومن زلازل ومحن وفتن، إنما هو القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن إذا أحسن الاستشفاء بالكتاب والسنة من قلب مقبل على الكتاب والسنة، فطلب الشفاء كل الشفاء من القرآن، وعند الترمذي بسند حسن قال: {كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا اهتم: اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك: أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء همي، وذهاب حزني}.

فهذه هي البلاسم، وهذه هي العلاجات، وهذا هو الدواء: قراءة القرآن بتدبر، الاستشفاء بالفاتحة، الارتقاء بالمعوذتين وقل هو الله أحد، بهذه الآيات البينات عل الله أن يزيل الهم والغم والحزن:

وناد إذا سجدت له اعترافاً كما ناداه ذو النون بن متى

وأكثر ذكره في الأرض دأباً لتذكر في السماء إذا ذكرتا

فأي علاج عند الخائفين المنكوسين، وأي علاج عند المرتكسين على رءوسهم في الضلالة والعمالة والجهالة، أيطلب الشفاء من المريض! إنما يطلب منهم من هو من أمثالهم وأضرابهم وأشكالهم الذين أعجبوا بهم، فهم يحشرون معهم، {والمرء يحشر مع من أحب} فنحن نسأل الله أن يجعلنا ممن نحبه، ونحب رسوله، وأن يشافينا ويعافينا بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>