للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فضل بر الوالدين]

إن من أحسن ما يُتَوَسَّل به إلى الله عز وجل بر الوالدين، والله ذكر في كتابه حقه وحق الوالدين: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء:٢٣] طاف رجل بأمه، وقد أصابه من الجهد والتعب ما الله به عليم، فرآه ابن عمر، فقال: [[يا ابن عمر، أترى أني وفيتها حقها؟ قال: لا والله، ولا بزفرة من زفراتها]].

وذكر الزمخشري صاحب الكشاف ينسبه إلى الطبراني: {أن رجلاً أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يبكي فقال: ما لك؟ قال: ظلمني ابني يا رسول الله، ربيته وأشفقت عليه، فلما كبر تغمط حقي وظلمني وبسر في وجهي، فقال عليه الصلاة والسلام: هل قلت في ذلك شعراً؟ قال: نعم، قال: ماذا قلت؟ قال: قلت:

غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً تعل بما أجري عليك وتنهل

إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا شاكياً أتململ

كأني أنا الملدوغ دونك بالذي لدغت به دوني فعيناي تهمل

فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما فيك كنت أؤمل

جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل

-معنى القصيدة: إذا كنت مريضاً فكأن الذي أصابك أصابني، وهذا مجرب، فالوالد والوالدة إذا مرض الطفل لا ينامان، وكأن المرض فيهما، يبيت الواحد منهم مهموماً، فهل هذا جزاء ما كان؟ - فبكى عليه الصلاة والسلام وأتى بالابن وحاكمه وقال له: أنت ومالك لأبيك}.

وبر الوالدين من أحسن ما يتقرب به إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى؛ يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء:٢٣] بعض السذج يقول: ما ذكر الله الضرب وإنما ذكر (أف) فلا نقول: (أف).

هل يجوز أن تضرب أباك لأنه ما ذكر الله الضرب في القرآن؟! هذا يردده بعض المتفقهة يردون به على أهل الظاهر، يقولون: لأن ابن حزم ينفي القياس، فمعناه أن غير التأفف من ضرب ونحوه لا يحرم عنده ولا يدخل في النهي، وابن حزم من هذا بريء حماه الله وكفاه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>