للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فضائل سورة الإخلاص]

ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد رضي الله عنه وأرضاه: {أن رجلاً كان يردد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] لا يزيد عليها، قام من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، يردد {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] حتى الفجر، فأتى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وسأله الصحابة في ذلك، كأنهم تقالُّوها، قال: والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن}.

فمن قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] فكأنما قرأ ثلث القرآن في الأجر والمثوبة.

وأخرج الإمام أحمد رحمه الله من حديث أبي سعيد قال: قال عليه الصلاة والسلام: {أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ قالوا: وأينا يستطيع ذلك يا رسول الله؟ قال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] ثلث القرآن} فمن قرأها حصَّل ثلث القرآن، ومن قرأها ثلاثاً فكأنما قرأ القرآن مرة بالأجر والمثوبة، لا بالمعلومات والقضايا، فإن هذا أمر آخر.

وورد في الصحيح {أن رجلاً جعله صلى الله عليه وسلم أميراً على سرية، فخرج معهم، فكان يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] دائماً، لأنه يحبها، فكان يتأملها ويتعلق بها، فأخبروا رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال: سلوه، لم يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١]؟ فسألوه، قال: إن فيها صفة الرحمن، فأنا أحب أن أقرأها، قال عليه الصلاة والسلام: حبك إياها أدخلك الجنة}.

وفي لفظ آخر: {أخبروه أن الله يحبه}.

ما دمتَ أحببتَ كلامه، وما دمتَ تعلقت بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] فهذا هو الشرف العظيم.

يا شباب الإسلام! يا جيل محمد! يا كتيبة الإسلام! يا عصابة الحق! إن من المدهش والمذهل والمحزن والمبكي أن تستمع لبعض الناس يقال له في مقابلة: ماذا تحب؟ فيقول: أغنية فلان، بتلحين فلان، وكلمات فلان، فيقال له: إلى من تهديها؟ فيقول: إلى أبي وجدي، وإلى أخي وإخوتي، وإلى أبنائي وبناتي.

قارنوا بين هذا وبين ذاك العصامي الرجل الأول الذي عاش مع محمد صلى الله عليه وسلم المجاهد الشاب الذي تعلق بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] وقرأها في كل ركعة.

وفي الصحيح: {أن رجلاً جعله صلى الله عليه وسلم إماماً لقومه في قباء من الأنصار، فكان كلما قرأ الفاتحة قرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثم أتى بسورة، فقال له قومه: إما أن تكتفي بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فهي تكفي، وإما أن تقرأ غيرها، فقال: إن أردتم أن أؤمكم قرأت بكم في كل ركعة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] وإلا فابحثوا عن إمام غيري، وعلموا أنه ليس عندهم إمام غيره، لما فيه من الخير، فأخبروا الرسول عليه الصلاة والسلام فَبَيَّن أن حبه لها أدخله الجنة، وأن الله يحبه} سبحان الله العظيم!!

<<  <  ج:
ص:  >  >>