للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بشرى لأهل الإيمان: إنما أعدت النار للكافرين]

{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:٢٤] والحمد لله هذه فيها بشرى وفيها إنذار (أعدت للكافرين) قيل: الحمد لله الذي قال: أعدت للكافرين، ولم يقل: أعدت للناس، وقالوا: الحمد لله الذي قال: {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سبأ:١٧] ولم يقل: وهل نجازي إلا الناس، فإن الذي يستحق الجزاء هو الكافر، والحمد لله الذي جعلها معدة للكفار.

فيا من أعدها للكفار! يا واحد يا قهار! نشهد أن لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمداً عبدك ورسولك، نلقاك بهذه الكلمة تنجينا من نار أعددتها للكفار

إن الملوك إذا شابت عبيدهم في رقهم عتقوهم عتق أبرار

وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً قد شبت في الرق فاعتقني من النار

{أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:٢٤] فيها بشرى لنا أننا مسلمون، مع أننا خطاءون، مذنبون، مسيئون، لكن معنا كلمة نتعلق بها، لا إله إلا الله محمد رسول الله، ومعنا الصلوات الخمس، والفرائض، ولكننا مرة علينا ومرة لنا، ونحن في الأخير أهل فرائض.

حضرت الوفاة عمرو بن العاص كما في صحيح مسلم، فبكى وكان ابنه يُرجِّيه ويُحسِّن ظنه بالله، فقال: [[يا بني! كنت على أطباق ثلاث، كنت في الجاهلية لا أعرف الإسلام، فلو مت لكنت من أهل جهنم، وأتيت في الإسلام مهاجراً، واستقبلني صلى الله عليه وسلم، فلما أسلمت كان أحب الناس إلي، فلو مت لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم لعبت بي الدنيا ظهراً لبطن وتخلفت بعده، فليت شعري هل يؤمر بي إلى النار أو إلى الجنة، ولكن عندي كلمة أحاج لنفسي بها عند الله.

لا إله إلا الله محمد رسول الله]].

وهذه الكلمة لا تكفي إلا بالصلاة والفرائض، وإلا فقد يقولها المنافق والكافر، لكن ليس مخلصاً من قلبه، أعني ليس مصلياً صادقاً مع الله.

{أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:٢٤] فالحمد لله الذي أعدها للكفار، والحمد لله الذي جعل المسلم ينجو برحمة الله عز وجل من النار؛ فإنه الواحد الغفار.

<<  <  ج:
ص:  >  >>