للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المرض كفارة للذنوب والخطايا]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران:١٩٠ - ١٩٣].

سلام الله عليكم ورحمته الله وبركاته

ولا نزال مع حديثه صلى الله عليه وسلم وكلامه العذب وسيرته العطرة ومع ميراثه الضخم وتراثه الفذ، فعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، جزاء ما قدم للإنسانية وما أعطى للبشرية وما أهدى للإنسان.

يستفتح البخاري رحمه الله تعالى كتاباً آخر وهو كتاب المرضى، وقد انتهينا من كتاب الأدب ولم يبق فيه إلا ما يندرج فيما قبله، أو أحاديث مكررات.

يقول البخاري رحمه الله تعالى: كتاب المرضى -شافاكم الله من المرض- قال تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١].

ونحن نسأل الله لنا ولكم العافية ففي مسند الإمام أحمد بسند جيد عن العباس أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال له: {يا عمي يا عباس! سل الله العفو والعافية} وكان أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه -في المسند - يقول: [[اسألوا الله العفو والعافية فإنه لم يؤت أحد بعد اليقين خيراً من العافية]] والعافية في الأبدان والأديان والبلدان، فالعافية في الأبدان: صحة وقوة ونشاط، والعافية في الأديان: سلامة ونجاة ومنهج، والعافية في البلدان: أمن ورخاء وازدهار.

باب ما جاء في كفارة المرض، والمسلم لا يأتيه شيء يصيبه إلا كفَّر الله به من خطاياه كضربة الشمس والجوع والظمأ والهم والغم فكل ما أصابك فهو كفارة لك فاحتسبه في ميزان الواحد الأحد، وقول الله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النساء:١٢٣] هذه الآية أبكت أبا بكر الصديق فعندما نزلت هذه الآية تفصم ظهر أبي بكر وهو بجانب الرسول صلى الله عليه وسلم حتى تماط فقال له صلى الله عليه وسلم: {مالك؟! قال: يا رسول الله! يقول الله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النساء:١٢٣] وكيف العمل بعد هذه الآية، كلفنا من الأعمال ما نطيق ولكن كيف نعمل بعد هذه الآية أإذا وقع منا كل سوء عاقبنا الله {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِه}) [النساء:١٢٣] قال صلى الله عليه وسلم: غفر الله لك يا أبا بكر! ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ ألست تهتم؟ ألست تغتم؟ قال: بلى.

يا رسول الله! قال: فذلك كفارة}.

فالحمد لله الذي جعل لنا هذه الأمور كفارة وإلا فخطايانا ملأت السهل والجبل، وإذا لم تدركنا رحمة الله وعفوه وكرمه فقد هلكنا، إذاً كل ما يصيب المسلم فهو كفارة.

وابن عباس عاش ليلة طويلة بطيئة النجوم هادئة السحر يبكي حتى الصباح من قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء:١٢٣].

<<  <  ج:
ص:  >  >>